قوله في الصورة الثانية : إن لم يلزم التخصيص المستهجن أو بقاء العام بلا مورد ... الخ (١).
لزوم التخصيص المستهجن ممكن ، لكن بقاء العام بلا مورد غير ممكن في هذه الصورة ، لأنّ المفروض فيها كون الخاصّين أخصّ من العام وإن كان أحدهما أخصّ من الآخر ، وحاصلها أنّ الخاصّين المتوافقين في الحكم يكون أحدهما أخصّ من الآخر مع فرض كون ذلك الآخر أخصّ من العام ، فكيف يعقل بقاء العام بلا مورد بعد التخصيص ، ولو فرض بقاء العام بعدهما بلا مورد لم يعقل انقلاب النسبة فيما لو خصّصناه أوّلاً بأخصّ الخاصّين.
نعم ، في الصورة الأُولى ـ وهي صورة التباين بين الخاصّين ـ لا يعقل انقلاب النسبة فيما لو خصّصناه بأحدهما قبل الآخر. ومنه يظهر الخدشة فيما نقله في تحرير السيّد سلّمه الله : فلا وجه للتخصيص بأحدهما أوّلاً ثمّ ملاحظة النسبة بين الباقي والخاصّ الآخر (٢).
ثمّ لا يخفى أنّ هذا المثال ـ أعني أكرم العلماء ، ولا تكرم النحويين ، ولا تكرم الكوفيين من النحويين ـ يكون على أنحاء :
الأوّل : ما يكون الخاصّان فيه المخالفان للعام متّحدي الحكم كما في المثال.
النحو الثاني : ما يكون الخاصّان فيه مختلفي الحكم مع كونهما معاً مخالفين للعام في الحكم ، كأن يقول : يجب إكرام العلماء ويحرم إكرام النحويين ويكره إكرام الكوفيين من النحويين.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٤٣.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ٣٠٢.