قال جماعة : رجس خبر لمضاف محذوف ، وهو تعاطي هذه الاشياء. اذ الذي تستخبثه العقول وتعافه (١) ، تعاطيها على الوجوه المقتضية للمفاسد الظاهرة المشهورة والمتعلقة بها.
كشرب الخمر وما يتعلق بها من حفظها وبيعها وشرائها للشرب ، ولعب الميسر وما يتعلق به ، وعبادة الانصاب وتعظيمها وما يتعلق به ، والاستقسام بالازلام وما يتعلق به ، فلا تصح ارادة النجس منه.
وان جعل « رجس » خبراً للخمر ، وهو مرجوح ، وقدر خبر المذكورات ، فلا يصح حمله على النجس ايضا ؛ لاقتضائه كون المعنى في بعض الاخبار مختلفا ، مع ان الظاهر في امثاله الاتفاق. وكون المذكور قرينة على المحذوف ، وحمل الرجس على النجس وغيره على سبيل عموم المجاز او الاشتراك ، وارادة كل منهما بالنسبة الى البعض مع عدم القرينة ، في غاية البعد.
وكذا جعله خبراً للخمر ، وجعل خبر البواقي من عمل الشيطان بعيد.
وكذا حمله على النجس ، وجعله خبراً للكل وارتكاب التجوز في الاسناد بالنسبة الى بعض ؛ لان مقتضى اللفظ ان يكون المعنى والاسناد بالنسبة الى الجميع واحداً.
فاذن : اما ان يراد بالرجس المأثم ، او العمل المستقذر ، الذي تعاف منه العقول ، كما يوجد في كلام جماعة من المفسرين.
وبالجملة حمله على معناه الحقيقي ، وارتكاب بعض تلك الوجوه البعيدة ، مرجوح بالنسبة الى حمله على ما ذكرنا من المعاني مجازاً ، سلمنا التساوي ، لكن لابد للترجيح من دليل.
قال الفاضل الاردبيلي رحمه الله في ايات احكامه : لا دلالة في هذه الآية على نجاسة الخمر ، ولهذا قال الصدوق : ان الله عز وجل حرم شربها ، لا الصلاة
____________
(١) عاف الرجل الطعام او الشراب يعافه عيافاً ، اي : كرهه فلم يشربه ـ الصحاح.