وفي نهاية ابن الاثير : الملة الدين ، كملة الاسلام واليهودية والنصرانية. وقيل : هي معظم الدين ، وجملة ما يجيء به الرسل (١).
أقول : فظهر ان ما ورد في كلامهم من قولهم ـ عليهم السلام ـ « على ملة ابراهيم ودين محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ » مجرد تفنن في العبارة ، اريد بهما معنى واحد من غير ملاحظة امر آخر.
أو يقال : ان الذين لما كان اعم واشرف باضافته احيانا الى الله والى آحاد امة النبي ايضا ، وكان محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ اشرف المخلوقات واتم الموجودات ، وكان مبعوثا على كافة اهل الارض ، وكانت ملته البيضاء اشرف الملل واعمها واتمها.
كان المناسب ان يضاف الدين اليه تشريفا لمنزلته ، واجلالا لمرتبته ، والملة الى ابراهيم قضاءاً لحق العبارة ، وجرياً في مقام الفصاحة والبلاغة.
او يقال : الغرض هنا هو الاشعار بأن ما يجب على هذه الامة بالاضافة الى ما جاء به خليل الرحمن هو التصديق بجملة ما جاء به اجمالا ، من غير حاجة الى التصديق بآحاد شرائعه تفصيلاً.
بخلافه بالنسبة الى ما جاء به حبيب الرحمن ، فانه يجب على امته ان يصدقوه تفصيلا فيما علم تفصيلا واجمالا فيما علم اجمالا مع الاقرار باللسان ، وهذا هو الايمان عند اكثر الامامية ، هذا ما خطر بالبال ، والله اعلم بحقيقة الحال.
____________
(١) نهاية ابن الاثير : ٤ / ٣٦٠.