قالوا : لو وقع التكليف بالفروع لوجب القضاء ولا يجب.
واجيب بمنع الملازمة ؛ اذ القضاء انما يجب بأمر جديد ، وليس بينه وبين وقوع التكليف ولا صحته ربط عقلي ، فلا يستلزم احدهما.
ثم من الدليل على انهم مكلفون قوله سبحانه « ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين » صرح بتعذيبهم بتركهم الصلاة ، ولا يحمل على المسلمين ، اذ « ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين » (١) ينفيه.
وقوله تعالى : « فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى » (٢) ذمه على ترك الجميع ومنه الصلاة ، فيكون مذموماً بتركها.
وقوله عز وجل « لا يدعون مع الله الهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة » (٣) حيث جعل العذاب المضاعف جزاءً لهم على الافعال المذكورة ، ومنها قتل النفس والزنا.
وقوله « يا أيها الناس اعبدوا ربكم » (٤) « وان اعبدوني هذا صراط مستقيم » (٥) ونحوهما من الاوامر العامة بالعبادات ، فان الكفار مندرجون تحتها ، فوجب عليهم هذه العبادات وجوبها على غيرهم.
وتخصيص العبادة المأمور بها فيهما بالايمان لصدقها عليه ، مع انه خلاف الاصل والظاهر مما لا مخصص له سوى الاحتمال ، وهو لا يصلح للتخصيص.
____________
(١) المدثر : ٤٢ ـ ٤٥.
(٢) الحاقة : ٣١ ـ ٣٢.
(٣) الفرقان : ٦٨ ـ ٦٩.
(٤) البقرة : ٢١.
(٥) يس : ٦١.