الاحاديث الشريفة على العلم ، وعلى العقل القدسي الذي هو حامله ، واسم الارض على النفس المجردة التي هي بجوهرها قابلة للعلوم والمعارف.
ومنه قوله عز سلطانه « وترى الارض هامدة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج » (١) على ما قد قرره غير واحد من ائمة التفسير ، فكذلك قول مولانا ابي عبد الله ـ عليه السلام ـ في هذا الحديث. الماء تعبير عن الجوهر العقل الحامل لنور العلم من الانوار العقلية القدسية (٢).
وتعقبه بعض (٣) من تأخر عنه ، بأن هذه التأويلات في الاخبار جرأة على من صدرت منه ، والاولى تسليمها ورد علمها اليهم.
ويحتمل ان يكون المراد بحمل دينه وعلمه على الماء انه تعالى جعله مادة قابلة لان يخلق منه الانبياء والاوصياء ، الذين هم قابلون وحاملون لعلمه ودينه.
او ان علمه لما كان قبل خلق الاشياء غير متعلق بشيء من الموجودات العينية ، بل كان عالما بها وهي معدومة ، فلما اوجد الماء الذي هو مادة سائر الموجودات ، كان متعلقا لعلمه به وبما يوجد منه ، فلعل هذا الكلام اشارة اليه ، مع انه لا يمتنع ان يكون الله افاض على الماء روحا واعطاه علما (٤).
أقول : كل من قال بوجود العقل المجرد ذاتا وفعلا ، قال بقدمه المستلزم لقدم العالم ، والقائل بالقديم سوى الله وان كان اماميا ، كافر باجماع المسلمين.
كما صرح به آية الله العلامة في جواب من سأله عمن يعتقد التوحيد والعدل والنبوة والامامة ، ولكنه يقول بقدم العالم ، ما يكون حكمه في الدنيا والاخرة؟
____________
(١) الحج : ٥.
(٢) التعليقة على اصول الكافي : ٣١٩ ـ ٣٢٠ المطبوع بتحقيقنا.
(٣) المراد به صاحب بحار الانوار قدس سره « منه ».
(٤) مرآة العقول : ٢ / ٨١ ـ ٨٢.