انه لا يجزىء في سائر التكاليف ، بخلاف الاجحاف في الاموال المؤدي الى البغضاء ، وكراهة الدين المنجر الى الانكار.
قال في الكشاف في تفسير قوله تعالى : « ويخرج اضغانكم » اي : تضطغنون على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وتضيق صدوركم لذلك ، واظهرتم كراهتكم ومقتكم لدين يذهب بأموالكم (١).
وقال قتادة : علم الله ان في مسألة الاموال خروج الاضغان ، وهي الاحقاد التي في القلوب والعداوة الباطنة ، كذا في المجمع (٢).
وفيه تنبيه على ان مقتضى اللطف ، وهو ما يقرب الى الطاعة ويبعد عن المعصية ، الاعراض عن هذا التكليف المقتضي للعصيان ، والا اختل امر الفلاحة ، كما هو المشاهد ، فلا يصدر من اللطيف الرؤوف العليم ما يؤدي الى اختلاف نظم المعاش والمعاد.
الا يرى انه جل سلطانه سامح ارباب الاموال ، وأمر بالعفو والتخفيف وتفويض الامر اليهم ، وعلى المصدق ان يصدقهم في مواضع شتى ، فكيف يشدد عليهم بايجاب ما يذهب بها.
لا يقال : قد حكى الطبرسي رحمه الله عن ابي مسلم تفسير الاحفاد باللطف ، قال : فيلطف في السؤال بأن يعد عليه الثواب الجزيل. وعن بعضهم ان المعنى لا يسألكم الرسول على اداء الرسالة اموالكم. وفسره اخر بأن لا يسألكم اموالكم ، لان الاموال كلها له ، فهو املك بها ، وهو المنعم باعطائها.
لانا نقول : يستفاد منها نفي طلب جميع الاموال على كل حال ، قضية للجمع المضاف ، كما في قوله عز وجل : « خذ من اموالهم صدقة » (٣) فالمعنى انه لا
____________
(١) الكشاف : ٣ / ٥٣٩.
(٢) مجمع البيان : ٥ / ١٠٨.
(٣) التوبة : ١٠٣.