فان الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع ، اذ ذاك وهي لا تحجب ولا ترجم بالنجوم ، وانما منعت من استرقاق السمع ، لئلا يقع في الارض سبب تشاكل الوحي من خبر السماء ، ويلبس على اهل الارض ما جاءهم عن الله لإثبات الحجة ونفي الشبهة.
وكان الشيطان يسترق الكلمة الوحدة من خبر السماء ويلبس على اهل الارض ما جاءهم عن الله من خبر السماء بما يحدث من الله في خلقه ، فيتخطفها ثم يهبط بها الى الارض ، فيقذفها الى الكاهن ، فاذا قد زاد كلمات من عنده فيختلط الحق بالباطل.
فما اصاب الكاهن من خبر مما كان يخبر به ، فهو مما اداه اليه شيطانه مما سمعه ، وما اخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه ، فمذ منعت الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة.
فقال : كيف صعدت الشياطين الى السماء وهم امثال الناس في الخلقة والكثافة ، وقد كانوا يبنون لسليمان بن داود ـ عليهما السلام ـ من البناء ما يعجز عنه ولد آدم؟
قال : غلظوا لسليمان لما سخروا وهم خلق رقيق غذاهم التنسم ، والدليل على ذلك صعودهم الى السماء لاستراق السمع ولا يقدر الجسم الكثيف على الارتقاء اليها الا بسلم او بسبب (١).
____________
(١) نور الثقلين : ٥ / ٤٣٧ ح ٥ ، الاحتجاج : ٢ / ٨١.