يجتمعان ، ولا يتوهمه عاقل ، ليحتاج الى دفعه بانزال آية من السماء ، ضرورة ثبوت التنافي بينهما ، فكيف يصير هذا الحكم موضعا للافادة؟ وخاصة اذا صدر من الحكيم العليم الذي لا يتطرق اليه ولا الى كلامه عبث ولا لغو ، ولا يكون كلامه ككلام الساهي والنائم والهاذي.
فظهر انه لا يمكن ان يراد بالظالم المنفي عنه الامامة ، من يباشر الظلم ويرتكبه ، حتى يصح ان يقال : انه اذا تاب عنه ويصلح لم يبق ظالما ، فيمكن ان تناله الامامة ، بل هو واقع ، لانها قد نالت هؤلاء بثلاثتهم ، بعد ان تابوا عن ظلمهم وكفرهم واصلحوا.
وهل هذا الا مصادرة وتفسير للاية بما يطابق اهواءهم ، بل المراد به من وجد منه الظلم وقتا ما ، وان لم يكن في الحال ظالما ، بل كان تائبا.
لان ابراهيم ـ عليه السلام ـ لم يسأل الامامة لبعض ذريته المباشرين للظلم من قبل ان يتوبوا عنه ، فلانه قبيح عمن يدعي صحبة عاقل من العقلاء ، فكيف لا يكون قبيحا عمن هو من اعقل الأنبياء.
فتعين ان سؤاله الامامة : اما لبعض ذريته مطلقا ، او للذين لم يظلموا منهم اصلا ، او ظلموا ثم تابوا عنه.
والاول لا يحتمل المباشرين للظلم منهم ، كما مر لما مر ، فيتحقق في ضمن احد الاخيرين ، فقوله تعالى في جوابه « لا ينال عهدي الظالمين » منهم ، صريح في ان الذين ظلموا منهم ، اي : سبقوا في الظلم والكفر لا ينالهم عهد الله ، وان تابوا بعد ظلمهم واصلحوا ، ولم يكونوا في الحال ظالمين.
فدلت على ان الامامة عهد من الله وامانة منه لا تنال من كان ظالما ولو وقتا ما.
ويدل عليه ما رواه الفقيه ابن المغازلي الشافعي ، عن عبد الله بن مسعود في تفسير الآية ، قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله : انتهت الدعوة الي والى