ولكن قف يا علي ، فضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يديه على ساق علي ـ عليه السلام ـ فوق القرقونس (١) ، ثم اقتلعه من الارض ، فرفعه حتى تبين بياض ابطيه الحديث (٢).
هذا ثم من البين ان ليس المراد بقوله « وانفسكم » هم المتساوون في الدرجة والفضيلة ؛ اذ لا فضل لهم عند الله جناح بعوضة ، بل المراد به الذين كانوا من خاصة هؤلاء المخاطبين وبطانتهم ووليجتهم ، ومن اعزة اهلهم واحبتهم عليهم ، الذين كانوا يخافون عليهم ، ويحذرون من نزول العذاب بهم.
لان ذلك هو مناط المباهلة ومحط فائدتها ، حيث يدل على وثوق المباهل ويقينه بحقيته ، وبطلان طرف المقابل ، فكذا قوله « وانفسنا » من غير فصل.
وكثيراً ما يعبر عن القريب النسبي ، بل عن المشتركين في ملة بالنفس ، كقوله تعالى : « فاقتلوا انفسكم » (٣) اي : ليقتل بعضكم بعضا ، امر من لم يعبد العجل من قوم موسى ـ عليه السلام ـ ان يقتل من عبده.
وقوله تعالى : « ولا تقتلوا انفسكم » (٤) اي : لا يقتل بعضكم بعضا ، لانكم اهل دين واحد ، فأنتم كنفس واحدة ، صرح بذلك اهل التفسير. وعدوا منه قوله تعالى : « فسلموا على انفسكم » (٥).
وقد تطلق النفس على الجنس والنوع ، كفوله تعالى : « لقد جاءكم رسول من انفسكم » (٦) وقوله : « لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولاً من
____________
(١) في المناقب : القرنوس.
(٢) المناقب لابن المغازلي : ٢٠٢.
(٣) البقرة : ٥٤.
(٤) النساء : ٢٩.
(٥) النور : ٦١.
(٦) التوبة : ١٢٨.