أبي مسلم المفسر : أنه يستفاد من قوله تعالى : ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) وذلك أن الذكر مع الأنثى الواحدة يرث الثلثين فيكون الثلثان هما حظ الأنثيين ، انتهى وإن كان ما نقل عنهما لا يخلو من قصور يحتاج في التتميم إلى ما أوضحناه آنفا فليتأمل فيه.
وهناك وجوه أخر سخيفة ذكروها في توجيه الآية كقول بعضهم : إن المراد بقوله تعالى : ( فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ) ، الاثنتان وما فوقهما فهذه الجملة تتضمن بيان حظ الأنثيين ، والنساء فوق اثنتين جميعا. ومثل قول بعضهم : إن حكم البنتين هاهنا معلوم بالقياس إلى حكم الأختين في آخر آية من السورة حيث ذكرت لهما الثلثين إلى غير ذلك مما يجعل عن أمثالها كلامه تعالى.
قوله تعالى : « وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ » إلى قوله : « فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ » في عطف الأبوين في الحكم على الأولاد دلالة على أن الأبوين يشاركان الأولاد في طبقتهم ، وقوله : وورثه أبواه ، أي انحصر الوارث فيهما ، وفي قوله : ( فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ ) « إلخ » بعد قوله : ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ ) ، دلالة على أن الإخوة واقعة في طبقة ثانية لاحقة لطبقة الأبناء والبنات لا ترث مع وجودهم غير أن الإخوة تحجب الأم عن الثلث.
قوله تعالى : « مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ » أما الوصية فهي التي تندب إليها قوله : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ ) الآية : « البقرة : ١٨٠ » ولا ينافي تقدمها في الآية على الدين ما ورد في السنة أن الدين مقدم على الوصية لأن الكلام ربما يقدم فيه غير الأهم على الأهم لأن الأهم لمكانته وقوة ثبوته ربما لا يحتاج إلى ما يحتاج إليه غيره من التأكيد والتشديد ، ومنه التقديم ، وعلى هذا فقوله : ( أَوْ دَيْنٍ ) في مقام الإضراب والترقي طبعا.
وبذلك يظهر وجه توصيف الوصية بقوله : يوصي بها ففيه دلالة على التأكيد ، ولا يخلو مع ذلك من الإشعار بلزوم إكرام الميت ومراعاة حرمته فيما وصى به كما قال تعالى : ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ) الآية : « البقرة : ١٨١ ».
قوله تعالى : « آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً » الخطاب للورثة أعني لعامة المكلفين من حيث إنهم يرثون أمواتهم ، وهو كلام ملقى للإيماء