وظهور التناسل بذلك ثم بنى عليه الاجتماع الكبير المتكون من الشعوب والقبائل.
ومن ذيل الآية يظهر أن التفضيل المذكور في قوله : ( الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ) الآية ، إنما هو تفضيل في التجهيز بما ينتظم به أمر الحياة الدنيوية أعني المعاش أحسن تنظيم ، ويصلح به حال المجتمع إصلاحا جيدا ، وليس المراد به الكرامة التي هي الفضيلة الحقيقية في الإسلام وهي القربى والزلفى من الله سبحانه فإن الإسلام لا يعبأ بشيء من الزيادات الجسمانية التي لا يستفاد منها إلا للحياة المادية وإنما هي وسائل يتوسل بها لما عند الله.
فقد تحصل من جميع ما قدمنا أن الرجال فضلوا على النساء بروح التعقل الذي أوجب تفاوتا في أمر الإرث وما يشبهه لكنها فضيلة بمعنى الزيادة وأما الفضيلة بمعنى الكرامة التي يعتني بشأنها الإسلام فهي التقوى أينما كانت.
(بحث روائي)
في الدر المنثور ، أخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي ـ في سننه من طرق جابر بن عبد الله ـ قال : عادني رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبو بكر في بني سلمة ماشيين ـ فوجدني النبي صلىاللهعليهوآله لا أعقل شيئا فدعا بماء فتوضأ منه ـ ثم رش علي فأفقت فقلت : ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله؟ فنزلت : ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ).
أقول : قد تقدم مرارا أن أسباب النزول المروية لا تأبى أن تتعدد وتجتمع عدة منها في آية ، ولا تنافي عدم انحصار عناية الآية النازلة فيها ولا أن يتصادف النزول فينطبق عليها مضمون الآية فلا يضر بالرواية ما فيها من قول جابر : ما تأمرني أن أصنع بمالي يا رسول الله فنزلت « إلخ » ، مع أن قسمة المال لم يكن عليه حتى يجاب بالآية ، وأعجب منه ما رواه أيضا عن عبد بن حميد والحاكم عن جابر قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يعودني وأنا مريض ـ فقلت : كيف أقسم مالي بين ولدي؟ فلم يرد علي شيئا ونزلت : ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ).