قوله تعالى : « هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ » الآية التقسيم باعتبار التأثير فهو بلاغ وإبانة لبعض وهدى وموعظة لآخرين.
(بحث روائي)
في المجمع ، : في قوله تعالى : ( جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ) ، : عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه سئل إذا كانت الجنة عرضها السماوات والأرض ـ فأين تكون النار؟ فقال صلىاللهعليهوآله : سبحان الله إذا جاء النهار فأين الليل؟
أقول : ورواه السيوطي في الدر المنثور ، عن التنوخي في كتاب جاء به من هرقل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ يسأله عن هذه الآية فأجاب عنها بذلك ، ورواه أيضا بطريق آخر عن أبي هريرة : أن رجلا سأله عن ذلك فأجاب بذلك.
وما فسر كلامه صلىاللهعليهوآله بأن المراد كون النار في علم الله تعالى ـ كما أن الليل عند مجيء النهار في علم الله تعالى ـ فإن أريد أن النار لا يعزب عن علمه تعالى فمن المعلوم أن هذا الجواب لا يدفع الإشكال فإن السؤال إنما هو عن مكان النار لا عن علم الله تعالى بها ، وإن أريد أن من الممكن أن يكون هناك مكان آخر وراء السماوات والأرض تكون النار متمكنة فيها فهو وإن لم يكن مستبعدا في نفسه لكن مقايسة الجنة والنار بالنهار والليل حينئذ لا تكون في محلها ، فإن الليل لا يخرج عن حيطة السماوات والأرض عند مجيء النهار فالحق أنه تفسير غير مرضي.
وأظن أن الرواية ناظرة إلى معنى آخر وتوضيحه : أن الآخرة بنعيمها وجحيمها وإن كانت مشابهة للدنيا ولذائذها وآلامها وكذلك الإنسان الحال فيها وإن كان هو الإنسان الذي في الدنيا بعينه على ما هو مقتضى ظواهر الكتاب والسنة غير أن النظام الحاكم في الآخرة غير النظام الحاكم في الدنيا ، فإنما الآخرة دار أبدية وبقاء ، والدنيا دار زوال وفناء ، ولذلك كان الإنسان يأكل ويشرب وينكح ويتمتع في الجنة فلا يعرضه ما يعرض هذه الأفعال في الدنيا ، وكذلك الإنسان يحترق بنار الجحيم ، ويقاسي الآلام والمصائب في مأكله ومشربه ومسكنه وقرينه في النار ولا يطرأ عليه ما يطرأ عليه معها وهو في الدنيا ، ويعمر عمر الأبد ولا يؤثر فيه ذلك كهولة أو شيبا أو هرما