النبي صلىاللهعليهوآله في المنع عن الزنا بالرفق ليقع موقع القبول من الناس فمنع عن غير المتعة من أقسامه ، وأبقى زنا المتعة فرخص فيه ثم منع ثم رخص حتى تمكن من المنع البات فمنعه منعا مؤبدا.
ولعمري أنه من فضيح اللعب بالتشريعات الدينية الطاهرة التي لم يرد الله بها إلا تطهير هذه الأمة ، وإتمام النعمة عليهم.
ففيه أولا : ما تقدم أن نسبة المنع ثم الترخيص ثم المنع ثم الترخيص في المتعة إلى النبي صلىاللهعليهوآله مع فرض دلالة آيات سورتي المعارج والمؤمنون : « وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ » الآيات ـ وهي مكية ـ على حرمة المتعة على ما أصر عليه هذا القائل ليس إلا نسبة نسخ الآيات إلى النبي صلىاللهعليهوآله بالترخيص ثم نسخ هذا النسخ وأحكام الآيات ثم نسخ الآيات ثم إحكامها وهكذا ، وهل هذا إلا نسبة اللعب بكتاب الله إليه صلىاللهعليهوآله.
وثانيا : أن الآيات الناهية عن الزنا في كتاب الله تعالى هي قوله في سورة الإسراء : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً ) : « الإسراء : ٣٢ » وأي لسان أصرح من هذا اللسان ، والآية مكية واقعة بين آيات المناهي ، وكذا قوله : ( قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ) ـ إلى أن قال : ( وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ) : « الأنعام : ١٥١ » ، كلمة الفواحش جمع محلى باللام واقعة في سياق النهي مفيدة لاستغراق النهي كل فاحشة وزنا ، والآية مكية ، وكذا قوله : ( قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ) : ـ الأعراف : ٣٣ » ، والآية أيضا مكية ، وكذا قوله : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ ) : ـ المؤمنون : ٧ ، المعارج : ٣١ ، والسورتان مكيتان ، والآيات تحرم المتعة على قول هذا القائل كما تحرم سائر أقسام الزنا.
فهذه جل الآيات الناهية عن الزنا المحرمة للفاحشة ، وجميعها مكية صريحة في التحريم فأين ما ذكره من التدرج في التحريم والمنع؟ أو أنه يقول ـ كما هو اللازم الصريح لقوله بدلالة آيات المؤمنون على الحرمة ـ : إن الله سبحانه حرمها تحريما باتا ، ثم النبي صلىاللهعليهوآله تدرج في المنع عملا بالرخصة بعد الرخصة مداهنة لمصلحة الإيقاع موقع القبول ، وقد شدد الله تعالى على نبيه صلىاللهعليهوآله في هذه الخلة بعينها ، قال تعالى : ( وَإِنْ كادُوا