غير ذلك فانصرفا عنه ، قال : فأقبلنا حتى انتهينا إليه ، الحديث ، وفيه ذكر كيفية قتله حمزة يوم أحد.
وفي المجمع ، روى مطرف بن شخير عن عمر بن الخطاب قال: كنا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ إذا مات الرجل منا على كبيرة ـ شهدنا بأنه من أهل النار ـ حتى نزلت الآية فأمسكنا عن الشهادات.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن المنذر من طريق المعتمر بن سليمان عن سليمان بن عتبة البارقي قال : حدثنا إسماعيل بن ثوبان قال: شهدت في المسجد قبل الداء الأعظم فسمعتهم يقولون : ( مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً ) إلى آخر الآية ـ فقال المهاجرون والأنصار : قد أوجب له النار ـ فلما نزلت : ( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ـ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) قالوا : ما شاء الله ، يصنع الله ما يشاء.
أقول : وروي ما يقرب من الروايتين عن ابن عمر بغير واحد من الطرق ، وهذه الروايات لا تخلو من شيء فلا نظن بعامة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يجهلوا أن هذه الآية : ( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) لا تزيد في مضمونها على آيات الشفاعة شيئا كما تقدم بيانه ، أو أن يغفلوا عن أن معظم آيات الشفاعة مكية كقوله تعالى في سورة الزخرف : ( وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) : « الزخرف : ٨٦ » ، ومثلها آيات الشفاعة الواقعة في سورة يونس ، والأنبياء ، وطه ، وسبأ ، والنجم ، والمدثر كلها آيات مكية تثبت الشفاعة على ما مر بيانه ، وهي عامة لجميع الذنوب ومقيدة في جانب المشفوع له بالدين المرضي وهو التوحيد ونفي الشريك وفي جانب الله تعالى بالمشيئة ، فمحصل مفادها شمول المغفرة لجميع الذنوب إلا الشرك على مشيئة من الله ، وهذا بعينه مفاد هذه الآية : « إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ».
وأما الآيات التي توعد قاتل النفس المحترمة بغير حق. وآكل الربا ، وقاطع الرحم بجزاء النار الخالد كقوله تعالى : ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها ) الآية : « النساء : ٩٣ » ، وقوله في الربا : ( وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) : « البقرة : ٢٧٥ » ، وقوله في قاطع الرحم : ( أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) : « الرعد : ٢٥ » ، وغير ذلك من الآيات فهذه الآيات إنما توعد بالشر وتنبئ عن جزاء النار ، وأما كونه جزاء محتوما لا يقبل التغيير والارتفاع فلا صراحة لها فيه.