دخل هو وأصحابه في الإسلام ، ورجعوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقبل منهم ، ثم قال لوحشي أخبرني كيف قتلت حمزة؟ فلما أخبره قال : ويحك غيب شخصك عني ـ فلحق وحشي : بعد ذلك بالشام ، وكان بها إلى أن مات.
أقول : وقد ذكر هذه الرواية الرازي في تفسيره عن ابن عباس والتأمل في موارد هذه الآيات التي تذكر الرواية أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يراجع بها وحشيا لا يدع للمتأمل شكا في أن الرواية موضوعة قد أراد واضعها أن يقدر أن وحشيا وأصحابه مغفور لهم وإن ارتكبوا من المعاصي كل كبيرة وصغيرة فقد التقط آيات كثيرة من مواضع مختلفة من القرآن فالاستثناء من موضع ، والمستثنى من موضع مع أن كلا منها واقعة في محل محفوفة بأطراف لها معها ارتباط واتصال ، وللمجموع سياق لا يحتمل التقطيع والتفصيل فقطعها ثم رتبها ونضدها نضدا يناسب هذه المراجعة العجيبة بين النبي صلىاللهعليهوآله وبين وحشي.
ولقد أجاد بعض المفسرين حيث قال بعد الإشارة إلى الرواية : كأنهم يثبتون أن الله سبحانه كان يداعب وحشيا.
فواضع الرواية لم يرد إلا أن يشرف وحشيا بمغفرة محتومة مختومة لا يضره معها أي ذنب أذنب وأي فظيعة أتى بها ، وعقب ذلك ارتفاع المجازاة على المعاصي ، ولازمه ارتفاع التكاليف عن البشر على ما يراه النصرانية بل أشنع فإنهم إنما رفعوا التكاليف بتفدية مثل عيسى المسيح ، وهذا يرفعه اتباعا لهوى وحشي.
ووحشي هذا هو عبد لابن مطعم قتل حمزة بأحد ثم لحق مكة ثم أسلم بعد أخذ الطائف ، وقال له النبي صلىاللهعليهوآله : غيب شخصك عني فلحق بالشام وسكن حمصا واشتغل في عهد عمر بالكتابة في الديوان ، ثم أخرج منه لكونه يدمن الخمر ، وقد جلد لذلك غير مرة ، ثم مات في خلافة عثمان ، قتله الخمر على ما روي.
روى ابن عبد البر في الاستيعاب بإسناده عن ابن إسحاق عن عبد الله بن الفضل عن سليمان بن يسار عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري قال: خرجت أنا وعبد الله بن عدي بن الخيار ـ فمررنا بحمص وبها وحشي ، فقلنا : لو أتيناه وسألناه عن قتله حمزة كيف قتله ، فلقينا رجلا ونحن نسأل عنه فقال : إنه رجل قد غلبت عليه الخمر ـ فإن تجداه صاحيا تجداه رجلا عربيا ـ يحدثكما ما شئتما من حديث ، وإن تجداه على