وفي الفقيه ، بإسناده عن ثوير عن أبيه : أن عليا عليهالسلام قال : ما في القرآن آية أحب إلي من قوله عز وجل : ( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) : أقول : ورواه في الدر المنثور عن الفريابي والترمذي وحسنه عن علي.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال لما نزلت : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ) الآية ـ فقام رجل فقال : والشرك يا نبي الله؟ فكره ذلك النبي صلىاللهعليهوآله فقال : ( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) الآية.
وفيه ، أخرج ابن المنذر عن أبي مجاز قال : لما نزلت هذه الآية : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا ) الآية ـ قام النبي صلىاللهعليهوآله على المنبر فتلاها على الناس ـ فقام إليه رجل فقال : والشرك بالله؟ فسكت ـ مرتين أو ثلاثا ـ فنزلت هذه الآية : ( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ـ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) ـ فأثبتت هذه في الزمر ، وأثبتت هذه في النساء.
أقول : وقد عرفت فيما تقدم أن آية الزمر ظاهرة بحسب ما تتعقبه من الآيات في المغفرة بالتوبة ، ولا ريب أن التوبة يغفر معها كل ذنب حتى الشرك ، وأن آية النساء موردها غير مورد التوبة فلا تنافي بين الآيتين مضمونا حتى تكون إحداهما ناسخة أو مخصصة للأخرى.
وفي المجمع ، عن الكلبي: في الآية : نزلت في المشركين وحشي وأصحابه ، وذلك أنه لما قتل حمزة ، وكان قد جعل له على قتله أن يعتق فلم يوف له بذلك ، فلما قدم مكة ندم على صنيعه هو وأصحابه ـ فكتبوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنا قد ندمنا على الذي صنعناه ، وليس يمنعنا عن الإسلام إلا أنا سمعناك تقول وأنت بمكة : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ـ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ـ وَلا يَزْنُونَ ) الآيتان ، وقد دعونا مع الله إلها آخر ، وقتلنا النفس التي حرم الله ، وزنينا ، فلو لا هذه لاتبعناك ـ فنزلت الآية : ( إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً ) الآيتين ـ فبعث بهما رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى وحشي وأصحابه ، فلما قرأهما كتبوا إليه : أن هذا شرط شديد ـ نخاف أن لا نعمل عملا صالحا ـ فلا نكون من أهل هذه الآية ـ فنزلت : ( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ ) الآية ـ فبعث بها إليهم فقرءوها فبعثوا إليه : أنا نخاف أن لا نكون من أهل مشيئته ـ فنزلت : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ـ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ـ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) ـ فبعث بها إليهم فلما قرءوها