وأما ما قيل : إن أولي الأمر هم الخلفاء الراشدون أو أمراء السرايا أو العلماء المتبعون في أقوالهم وآرائهم فيدفع ذلك كله أولا : أن الآية تدل على عصمتهم ولا عصمة في هؤلاء الطبقات بلا إشكال إلا ما تعتقده طائفة من المسلمين في حق علي عليهالسلام ، وثانيا : أن كلا من الأقوال الثلاث قول من غير دليل يدل عليه.
وأما ما أورد على كون المراد به أئمة أهل البيت المعصومين عليهالسلام :
أولا : إن ذلك يحتاج إلى تعريف صريح من الله ورسوله ، ولو كان ذلك لم يختلف في أمرهم اثنان بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وفيه : أن ذلك منصوص عليه في الكتاب والسنة كآية الولاية وآية التطهير وغير ذلك ، وسيأتي بسط الكلام فيها ، وكحديث السفينة : « مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق » وحديث الثقلين : « إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ـ ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا » وقد مر في بحث المحكم والمتشابه في الجزء الثالث من الكتاب ، وكأحاديث أولي الأمر المروية من طرق الشيعة وأهل السنة ، وسيجيء بعضها في البحث الروائي التالي.
وثانيا : أن طاعتهم مشروطة بمعرفتهم فإنها من دون معرفتهم تكليف بما لا يطاق وإذا كانت مشروطة فالآية تدفعه لأنها مطلقة.
وفيه : أن الإشكال منقلب على المستشكل فإن الطاعة مشروطة بالمعرفة مطلقا ، وإنما الفرق أن أهل الحل والعقد يعرف مصداقهم على قوله من عند أنفسنا من غير حاجة إلى بيان من الله ورسوله ، والإمام المعصوم يحتاج معرفته إلى معرف يعرفه ، ولا فرق بين الشرط والشرط في منافاته الآية.
على أن المعرفة وإن عدت شرطا لكنها ليست من قبيل سائر الشروط فإنها راجعة إلى تحقق بلوغ التكليف فلا تكليف من غير معرفة به وبموضوعه ومتعلقه ، وليست راجعة إلى التكليف والمكلف به ، ولو كانت المعرفة في عداد سائر الشرائط كالاستطاعة في الحج ، ووجدان الماء في الوضوء مثلا لم يوجد تكليف مطلق أبدا إذ لا معنى لتوجه التكليف إلى مكلف سواء علم به أو لم يعلم.
وثالثا : أنا في زماننا هذا عاجزون عن الوصول إلى الإمام المعصوم وتعلم العلم