أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً ـ ٧٢. وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً ـ ٧٣. فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ـ ٧٤. وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً ـ ٧٥. الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً ـ ٧٦. )
(بيان)
الآيات بالنسبة إلى ما تقدمها ـ كما ترى ـ بمنزلة ذي المقدمة بالنسبة إلى المقدمة وهي تحث وتستنهض المؤمنين للجهاد في سبيل الله ، وقد كانت المحنة شديدة على المؤمنين أيام كانت تنزل هذه الآيات ، وهي كأنها الربع الثاني من زمن إقامة رسول الله صلىاللهعليهوآله بالمدينة كانت العرب هاجت عليهم من كل جانب لإطفاء نور الله ، وهدم ما ارتفع من بناية الدين يغزو رسول الله صلىاللهعليهوآله مشركي مكة وطواغيت قريش ، ويسري السرايا إلى أقطار الجزيرة ، ويرفع قواعد الدين بين المؤمنين ، وفي داخلهم جمع المنافقين وهم ذو قوة وشوكة ، وقد بان يوم أحد أن لهم عددا لا ينقص من نصف عدة المؤمنين بكثير (١).
وكانوا يقلبون الأمور على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ويتربصون به الدوائر ، ويثبطون المؤمنين وفيهم مرضى القلوب سماعون لهم ، وحولهم اليهود يفتنون المؤمنين ويغزونهم
__________________
(١) وقد تقدم في أحاديث أحد أن النبي صلىاللهعليهوآله خرج إلى أحد في ألف ثم رجع منهم ثلاثمائة من المنافقين مع عبد الله بن أبي ، وبقي مع النبي سبعمائة.