فلما رجعوا إلى المدينة أنزل الله : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) إلى قوله : ( انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) يقول : إلى الكفر ( وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً ).
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في الآية ـ قال : ذلك يوم أحد حين أصابهم ما أصابهم من القتل والقرح ـ وتداعوا نبي الله قالوا : قد قتل ـ وقال أناس منهم : لو كان نبيا ما قتل ، وقال أناس من علية أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله : قاتلوا على ما قاتل عليه نبيكم ـ حتى يفتح الله عليكم أو تلحقوا به ، وذكر لنا أن رجلا من المهاجرين ـ مر على رجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه ـ فقال : يا فلان أشعرت أن محمدا قد قتل؟ فقال الأنصاري : إن كان محمد قد قتل فقد بلغ ، فقاتلوا عن دينكم ، فأنزل الله : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ـ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) ـ يقول : ارتددتم كفارا بعد إيمانكم.
وفيه أخرج ابن جرير عن السدي قال : فشا في الناس يوم أحد أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قد قتل ـ فقال بعض أصحاب الصخرة : ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي ـ فيأخذ لنا أمانا من أبي سفيان ـ يا قوم إن محمدا قتل فارجعوا إلى قومكم ـ قبل أن يأتوكم فيقتلوكم ـ قال أنس بن النضر : يا قوم إن كان محمد قد قتل فإن رب محمد لم يقتل ـ فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد ، اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء ، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء ـ فشد بسيفه فقاتل حتى قتل ـ فأنزل الله : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ) الآية.
أقول : وروي هذه المعاني بطرق أخر كثيرة.
وفي الكافي عن الباقر عليهالسلام أنه أصاب عليا يوم أحد ستون جراحة ـ وأن النبي صلىاللهعليهوآله أمر أم سليم وأم عطية أن تداوياه ـ فقالتا إنا لا نعالج منه مكانا إلا انفتق مكان ـ وقد خفنا عليه ، ودخل رسول الله صلىاللهعليهوآله والمسلمون يعودونه وهو قرحة واحدة ، وجعل يمسحه بيده ويقول : إن رجلا لقي هذا في الله فقد أبلى وأعذر ، فكان القرح الذي يمسحه رسول الله صلىاللهعليهوآله يلتئم ـ فقال علي : الحمد لله إذ لم أفر ولم أول الدبر ـ فشكر الله له ذلك في موضعين من القرآن ـ وهو قوله : ( وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) ، و ( سَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ).
أقول : يعني شكر الله له ثباته لا قوله : الحمد لله الذي.