أقول : والروايات في المشاورة كثيرة جدا ، وموردها ما يجوز للمستشير فعله وتركه بحسب المرجحات ، وأما الأحكام الإلهية الثابتة فلا مورد للاستشارة فيها كما لا رخصة في تغييرها لأحد وإلا كان اختلاف الحوادث الجارية ناسخا لكلام الله تعالى.
وفي المجالس ، عن الصادق عليهالسلام : أن رضا الناس لا يملك ، وألسنتهم لا تضبط ـ ألم ينسبوه يوم بدر أنه أخذ لنفسه من المغنم قطيفة حمراء؟ حتى أظهره الله على القطيفة ، وبرأ نبيه من الخيانة ، وأنزل في كتابه : ( وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ ) ، الآية.
أقول : وذكر ذلك القمي في تفسيره ، وفيه : فجاء رجل إلى رسول الله عليهالسلام فقال : إن فلانا غل قطيفة حمراء فاحفرها هنالك ـ فأمر رسول الله عليهالسلام بحفر ذلك الموضع فأخرج القطيفة.
وقد روي هذا المعنى وما يقرب منه في الدر المنثور بطرق كثيرة ولعل المراد بكون الآية نزلت فيها كون الآية مشيرة إليها وإلا فسياق الآيات أنها نزلت بعد غزوة أحد كما تقدم بيانه.
وفي تفسير القمي ، عن الباقر عليهالسلام : من غل شيئا رآه يوم القيامة في النار ـ ثم يكلف أن يدخل إليه فيخرجه من النار.
أقول : وهو استفادة لطيفة من قوله تعالى : ( وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ).
وفي تفسير العياشي ، : في قوله تعالى : ( هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ ) ـ عن الصادق عليهالسلام : الذين اتبعوا رضوان الله هم الأئمة ، وهم والله درجات عند الله للمؤمنين ، وبولايتهم ومودتهم إيانا يضاعف الله لهم أعمالهم ، ويرفع الله لهم الدرجات العلى ، والذين باءوا بسخط من الله ـ هم الذين جحدوا حق علي وحق الأئمة منا أهل البيت ـ فباءوا لذلك بسخط من الله.
أقول : وهو من الجري والانطباق.
وفيه ، عن الرضا عليهالسلام : الدرجة ما بين السماء والأرض.
وفي تفسير العياشي ، أيضا : في قوله تعالى : ( أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها ) ـ عن الصادق عليهالسلام : كان المسلمون قد أصابوا ببدر مائة وأربعين رجلا : قتلوا سبعين رجلا وأسروا سبعين ـ فلما كان يوم أحد أصيب من المسلمين سبعون رجلا ـ فاغتموا