الجنة ، وتأكل من ثمارها ـ وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ـ.
فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم ـ قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا ، وفي لفظ : قالوا : إنا أحياء في الجنة ـ نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب ـ فقال الله : أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله هؤلاء ـ الآيات : ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا ) الآية وما بعدها.
أقول : وفي هذا المعنى روايات كثيرة رووها عن أبي سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود وأبي العالية وابن عباس وغيرهم ، وفي بعضها : في صور طير خضر كرواية أبي العالية ، وفي بعضها : في طير خضر كرواية أبي سعيد ، وفي بعضها : كطير خضر كرواية ابن مسعود ، والألفاظ متقاربة.
وقد ورد من طرق أئمة أهل البيت : أن الرواية عرضت عليهم فأنكروها عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وفي بعضها : أنهم أولوها ، ولا شك ـ بالنظر إلى الأصول الثابتة المسلمة ـ في لزوم تأويل الرواية لو لم تطرح.
والروايات مع ذلك ليست في مقام بيان حالهم في جنة الآخرة بل المراد بها جنة البرزخ والدليل عليه ما في رواية ابن جرير عن مجاهد قال : يرزقون من ثمر الجنة ويجدون ريحها وليسوا فيها ، وما في رواية ابن جرير عن السدي : أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر في قناديل من ذهب معلقة بالعرش فهي ترعى بكرة وعشية في الجنة ، وتبيت في القناديل.
وقد عرفت فيما تقدم من البحث في البرزخ أن مضمون هاتين الروايتين إنما يستقيم في جنة الدنيا وهي البرزخ لا في جنة الآخرة.
وفي الدر المنثور ، : في قوله تعالى : ( الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ ) الآية ـ أخرج ابن إسحاق وابن جرير والبيهقي في الدلائل ـ عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ـ قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله لحمراء الأسد ـ وقد أجمع أبو سفيان بالرجعة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وأصحابه ، وقالوا : رجعنا قبل أن نستأصلهم لنكرن على بقيتهم ، فبلغه أن النبي صلىاللهعليهوآله خرج في أصحاب يطلبهم ـ فثنى ذلك أبا سفيان وأصحابه ، ومر ركب من عبد القيس فقال لهم أبو سفيان : بلغوا محمدا أنا قد أجمعنا الرجعة إلى أصحابه لنستأصلهم ،