قال جالينوس : « الحلبة تسخن في الدرجة الثانية (١) وتجفف في الدرجة الأُولى ، ولذلك صارت تهيج الاورام الملتهبة فأما الاورام القليلة الحرارة الصلبة فإنها تحللها وتشفيها .
وقال في [ كتاب ] أغذيته : الحلبة اليابسة منها تسمى قرن الثور ، وقرن العنز ، وهي تسخن اسخاناً بيّناً ، وكثيراً ما تصدع ، وربما غثت ، وإذا أُكلت مع الخبز قلَّ تليينها للبطن ، ولم تصدع ولم تغث ، وبقلة الحلبة تصدع إذا اُكثر من أكلها ، وتحدث لبعض الناس غثياناً .
وأما الحلبة المطبوخة إذا شُربت (٢) مع العسل تطلق البطن وتخرج ما في الأمعاء من الأخلاط الرديئة وفي هذا الماء لزوجة وحرارة فهو بلزوجته مأمون أن يؤذي ، وبحرارته مسكّن الأذى وفيه قوة تجلو فهو وبهذا السبب يحرك الأمعاء ويستدعيها إلى دفع ما فيها بالبراز إلا أنه ينبغي أن يكون مقدار ما يخلط معه من العسل يسيراً كيما لا يكون لذاعاً .
فأما من كانت في صدره أوجاع مزمنة (٣) من غير أن يكون حمى فينبغي أن يطبخ له الحلبة مع تمر لحيم (٤) ويؤخذ شيرجها فيخلط معه عسل كثير ويطبخ على
______________________
(١) الدرجة الثانية : هي الأشياء التي تؤثر في البدن تأثيراً أبين من تأثير الاشياء التي هي في الدرجة الأُولى . ( مفتاح الطب : ١٤٩ ) . راجع درجات الادوية في حرف الدال .
(٢) إِذا قال الأطباء القدماء : شرب الدواء فيقصدون بالشرب : تناول الدواء ولا فرق في اصطلاحهم بين الدواء الصلب والمائع فكل منهما يطلق عليه شرب .
(٣) المرض المزمن : هو الطويل المدة الذي تدفعه الطبيعة قليلاً قليلاً ، أو يفضي إِلى الهلاك في زمان طويل واشتقاقه من الزمان . ( مفتاح الطب : ص ١٦٨ ب ١٢ ) .
زمن زمنا وزمنة وزمانة : مرض مرضاً يدوم زمناً طويلاً ، وضعف بكبر سن أو مطاولة علة فهو زمن وزمين . ( المعجم الوسيط ) .
(٤) لحُمَ فلان لحامة : كثر لحم بدنه فهو لحيم . ( المعجم الوسيط ) .