العالم الجديد ، فترافق كريستوف كولمبس في رحلته الثانية إلى القارة الأميركية سنة ١٤٩٣ ، لتزرع بذور البرتقال الحامض . في هاييتي إحدى جزر الهند الغربية ، ولتنتقل من ثم إلى المكسيك واميركة الوسطى في أوائل القرن السادس عشر ، ثم الى شاطئ فلوريدا ما بين سنة ١٥١٣ و ١٥٦٥ ، حيث قام الهنود الحمر بنشر بذور البرتقال التي جلبها الاسبان إلى شبه جزيرة فلوريدا ، لتنتشر ببطء في اميركة الشمالية ، قبل ان ينتبه إليها المزارعون في كاليفورنيا فيزرعونها على نطاق تجاري واسع سنة ١٨٠٠ ، ومنذ ذلك الحين ، بات البرتقال شيئاً مألوفاً في حياة سكان الدنيا الجديدة وجنوب افريقيا وأوستراليا ، ولكن أجود أصناف البرتقال ظلت تلك التي كانت تزرع في سهول فلسطين .
أما في انكلترا ، فقد كان للبرتقال تاريخ طويل ، بدأ سنة ١٦٨٥ عندما زرع « وليم تمبل » أول أشجاره ، وكان الاهتمام موجهاً إذ ذاك إلى خاصيته العطرية وليس إلى ثماره الشهية . وقيل ان « الكاردينال ولسي » كان أثناء تردده على البرلمان الانكليزي يحمل « برتقالة بديعة الجمال » . ويروي الأديب الانكليزي « صموئيل بيبس » ان « المخنثين » الانكليز كانوا يحملون زجاجات زيت البرتقال لتعطير قفازاتهم . وذكر الروائي الانكليزي « جيمس شارلي » في القرن السابع عشر انه كان هناك رجال يحملون في جيوبهم ثماراً ناضجة من البرتقال « لتعطير جو الحديث » ! . .
وكانت للملك شارل الأول حديقة كبيرة للبرتقال في « ومبلدون » تساوي الشجرة الواحدة منها ما بين عشرة جنيهات وعشرين جنيهاً ، وكان أصحاب البساتين في جميع أرجاء انكلترا يخصصون ساحات ضيقة من أراضيهم لزراعة مختلف أنواع البرتقال والليمون .
هكذا ـ اذن ـ ارتبط
البرتقال بحياة الناس في مختلف أرجاء الأرض ، فكان طبيعياً ، والحالة هذه ، أن تمتزج بحياتهم امتزاجاً كلياً ، ورسمها الفنانون في
الشرق والغرب على السواء في مواضع مختلفة تدور كلها حول ما تشيعه هذه الثمرة من