منكهة للأغذية .
أما الصفة التدميرية للبهارات والتوابل الحارة ، من الناحية البيولوجية (١) ، فتتأتى مما تحمله من خواص مهيجة ومخرشة لخلايا جدر الأنبوب الهضمي (٢) ، وبما يشابه ما نشعر به بأفواهنا عند تناولنا للقمة حاوية على كمية منها ولا نتحمله ثوان معدودات لانجاز عملية مضغها ، فنسرع إلى ابتلاعها للتخلص من آثارها هذه ، دون ان تثير هذه الخواص فينا التفكير باستمرار آثارها المخرشة فيما وراء الفم ولو أننا لم نعد نشعر بها لخلو الأنبوب الهضمي فيما وراء الفم من الاعصاب الحسية والذوقية و . . ودون التفكير بأن الفم والأنف بجواره ومازودا بهما من أعصاب شمية وحسية وذوقية لشم وتحسس وتذوق الأطعمة قبل دخولها لأجسامنا ، إن هي إِلا نقاط تفتيش ومراقبة حدودية ( امن عام ، جمارك ) وضعها الخالق على مداخل أجسامنا لمنع دخول كل ما هو مؤذ وضار ومخل بأمْنِنا الداخلي ( وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) (٣) .
أما الدمار الذي تحدثه هذه المواد فيتمثل بشل فاعلية خلايا الأنبوب الهضمي وبقاء الأطعمة المصاحبة لها في المعدة مدة طويلة دون هضم وتسبب ذلك ( على المدى القريب ) بتفسخها وتصاعد الغازات الكريهة منها ( النفخة ) (٤) وتحولها إلى
______________________
(١) البيولوجية : اي علم الاحياء ( غرائب جسم الانسان وعجائبه ج ٤ ص ١٢ ) .
(٢) راجع تركيب الجهاز الهضمي في حرف الهاء .
(٣) الآية / ٢١ من سورة الذاريات « وَفِي أَنفُسِكُمْ » اي : آيات : ( يعني انه خلقك سميعاً بصيراً ، تغضب وترضى وتجوع وتشبع ، وذلك كله من آيات الله ) .
سُئِلَ أمير الؤمنين عليهالسلام : بما عرفت ربك ؟ قال : ( بفسخ العزائم ونقض الهمم ، لمّا ان هممت فحال بيني وبين همّي ، وعزمت فخالفت القضاء عزمي ، عَلِمْتُ انّ المدبّر غيري ) . « أَفَلَا تُبْصِرُونَ » : تنظرون نظر من يعتبر . ( الاصْفى ج ٢ ص ١٢٠٨ ) .
(٤) راجع انتفاخ المعدة والامعاء بالغازات في حرف النون .