وإشكالاته التي أوردها عليهم بالصراحة والموضوعية والدقة العلمية التي أظهر فيها مفسرنا قدرةً فائقةً في المحاججة والمناظرة والحوار بأُسلوب علمي ومنهج عقلائي رائع يتجلى للقارئ من يتجلى خلاله كفاءة الشيخ العلمية ومنهجه الرصين الذي لايدع مجالاً أمام الخصم فلايقوى معه على الرد ولايملك بعدها إلا الإذعان والإقرار ومن ذلك :
رده على ما أدعاه اليهود والنصارى ووصمهم بالتناقض فقال في تفسيره للآية الكريمة ( قَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ١ روي عن عبد الله بن عباس ، أنّه قال :
|
قال عبد الله بن صوريا الأعور لرسول الله صلىاللهعليهوآله : ما الهدى إلا ما نحن عليه ، فاتبعنا يامحمد تهتد ، وقالت النصارى مثل ذلك ، فأنزل الله تعالى : ( وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أو نَصارى تَهْتَدُوا ). |
فقال الشيخ الطوسي :
|
وكان في اليهودية والنصرانية تناقض وذلك لايكون من عند الله فصارت ملة إبراهيم أحقُ بالإتّباع من غيرها. والتناقض في اليهودية مثل منحهم من جواز النسخ مما في التوارة ، وفي التوراة ما يدل على جواز ذلك ، وامتناعهم من العمل بما تقدمت به البشارة في التوراة من اتباع النبي الأُمي ، مع إظهارهم التمسك بها وامتناعهم من الإذعان ، لمادلت عليه المعجزة من نبوة محمد صلىاللهعليهوآله ، مع اقرارهم بنبوة موسى من أجل المعجزة إلى غير ذلك من أنواع التناقض ٢. وأما النصارى فقد قالوا : أبُ وابنٌ وروحً قدوسٍ إلهٌ واحد مع زعمهم أنّ الأب ليس هوالابن وأنّ الأب إله والابن إله وروح القدس إله ، فاذا قيل لهم قولوا ثلاثة آلهة امتنعوا من ذلك ، إلى مايصفون به الباري تعالى مما يوجب الحاجة والحدث ، ويقولون مع ذلك : إنّه قديم لم يزل ، إلى غير ذلك من مناقضاتهم التي لا تحصى. ٣ |
وعند تفسيره لقوله تعالى :
__________________
١. البقرة ( ٢ ) الآية ١٣٥.
٢. الطوسي ، التبيان ، ج ١ ، ص ٤٧٩.
٣. الطوسي ، التبيان ، ج ١ ، ص ٤٧٩.