|
هذا الكلام لأنّ فيه ( أذهبُ إلى إلهي وإلهكم ) كقوله هاهنا : (إِنَّ الله رَبِّي وَرَبُّكُمْ ) ١ |
في تفسيره لقوله تعالى :
(إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ) ٢
قال الطوسي :
|
وفي الآية دلالةٌ على أن الوعيد بالنار قدكان في زمن آدم بخلاف ما يدعيه جماعةٌ من اليهود والنصارى ٣. |
من كل هذا تبين لنا أُمور عدة كان الشيخ المفسر يمتازبها في تفسيره منها :
١. سعة اطلاعه على ما في كتب أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، حيث كان يقارن ما فيها مع ما في القرآن الكريم ، ويحتج عليهم بما احتوته كتبهم ، حتى أصبح يرد أهل الإنجيل بانجيلهم وأهل التوراة بتوراتهم.
٢. تمكنه من المحاججة والمناظرة بالدرجة التي لايترك للخصم فرصة الدفاع بها عن آرائه ، ويأتي عليها وفق أُسسٍ منطقيةٍ مثبتةٍ ، فينسفها نسفاً ، ويقيم عليها الحجة ، ويدعم رأيه بالدليل القاطع الذي لاينكره إلا مكابرٌ أو معاندٌ.
٣. استخدامه للاسلوب العقلي في المناقشة والحجاج ، الأمر الذي يفحم فيه الخصم ولايقوى معه على الردّ.
كل هذه المميزات جعلت من الشيخ الطوسي جديراً بأن يتربّع على كرسيّ الكلام في بغداد ، ومن ثمّ مدافعاً عن مذهبه وآرائه ومعتقداته ، وإذا ما حُرم الشيخ الطوسي من المناظرة مع الخصوم مشافهةً بسبب الفتن الطائفية التي عصفت به في مركز الخلافة ، فإنّه قدوجد له في التبيان متنفساً لعرض آرائه وأفكاره ، وسبيلاً للدفاع عن مذهبه ومعتقداته ، لذلك جاء تفسيره مشحوناً بروح المناظرة والجدل العلمي الرفيع ، ليناقش من يرى ضرورة مناقشته من أصحاب الديانات الأُخرى ، أو حتى المنتمين للفرق الإسلاميّة المختفلة ، بل والملحدين
__________________
١. الطوسي ، التبيان ، ج ٢ ، ص ٤٧٢.
٢. المائدة ( ٥ ) الآية ٢٩.
٣. الطوسي ، التبيان ، ج ٣ ، ص ٤٩٦.