والكفار أيضاً.
وقد ردّ الشيخ الطوسي على المجسمة الذين قالوا : إنّ الوجه في خلق الله للكرسي أنْ يجلس عليه فقال :
|
إنّه عز وجل يتعالى عن ذلك ، لأنّ ذلك من صفات الأجسام ، ولواحتاج إلى الجلوس عليه لكان جسما ومحدثا وقدثبت قدمه ١. |
كما فَنَّد مزاعمَ الغلاة الذين تعلقوا بقوله تعالى :
(وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ الله رَمَى) ٢ فزعموا أنّ الله حال بمحمدٍ صلىاللهعليهوآله فقالوا : لماقال (وَلَـكِنَّ الله رَمَى) ـ وكان النبى هو الرامي ـ دل ذلك على أنّه الله تعالى ، فردّ عليهم الطوسي معنفاً ، ووصفهم بالجهل وقلة المعرفة بوجوه الكلام فقال :
|
لو كان ماقالوه لكان الكلام متناقضاً ، لأنّه خطاب للنبىّ صلىاللهعليهوآله بأنّه لم يرم ، فإن كان هو الله تعالى فإلى من توجه الخطاب؟ وإن توجه إليه الخطاب دل على أنّ الله غيره ، وأيضاً فإذا كان هو الله فقد نفى عنه الرمي ، فإذا أضافه إلى الله بعد ذلك كان متناقضاً ، على أنه قد دلت الأدلة العقلية على أن الله ليس بجسم ، ولاحال في جسم ، فبطل قول من قال : إنّ الله حل في محمد صلىاللهعليهوآله . ٣ |
وقد ردّ الشيخ الطوسي على المشبهة الذين قالوا : إنّ معنى قوله تعالى :
(إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ) ٤ إنّهم يشاهدونه ، فقال مفسرنا :
|
وهذا فاسد ، لأنّ المشاهدة لاتجوز إلا على الأجسام أو على ما هو حال في الأجسام وقدثبت حدوث ذلك أجمع ، فلايجوز أن يكون تعالى بصفة ما هو محدثٌ. |
ثم قال :
|
وقد بيّنا أن المراد بذلك : وقوفهم على عذاب ربهم وثوابه وعلمهم بصدق ما أخبرهم به |
__________________
١. الطوسي ، التبيان ، ج ٢ ، ص ٣١٠.
٢. الأنفال ( ٨ ) الآية ١٧.
٣. الطوسي ، التبيان ، ج ٥ ، ص ٩٣.
٤. الأنعام ( ٦ ) الآية ٣٠.