|
وقال الزّجاج : قال الرجال ليتنا كنا فضلنا في الآخرة على النساء ، كما فضلنا عليهن في الدنيا ، وبه قال السدي. اللغة : والتمني هو قول القائل : ليت كان كذا لِما لم يكن ، وليت لم يكن كذا لِما كان ، وفي الناس من قال : هو معنى في القلب ، وقال الرماني : هو ما يجب على جهة الاستمتاع به. ومن قال : هو معنى في القلب ، قال : ليس هو من قبيل الشهوة ، ولا من قبيل الإرادة ، لأنّ الإرادة لاتتعلّق إلا بما يصح حدوثه ، والتمنّي قد يتعلّق بما مضى ، والشهوة أيضاً كالإرادة في أنها لاتتعلّق بما مضى. المعنى : وظاهر الخطاب يقتضي تحريم تمني ما فضل الله به بعضنا على بعض ، وقال الفراء : هوعلى جهة الندب والاستحباب ، والأوّل هو حقيقة التمني ، والذي قلناه هو قول أكثر المفسرين ووجه تحريم ذلك أنّه يدعو إلى الحسد ، وأيضاً فهو من دنايا الأخلاق ، وأيضاً فأنّ تمني الإنسان لحال غيره ، قد يؤدي إلى تسخّط ما قسم الله له ، ولايجوز لأحدٍ أن يقول ، ليت مال فلان لي ، وإنّما يحسن أن يقول : ليت مثله لي. وقال البلخي : لايجوز للرجل أن يتمنى إن كان امرأةً ، ولا للمرأة ان تتمنى لو كانت رجلا بخلاف ما فعل الله ، لأنّ الله لايفعل من الأشياء إلا ما هو أصلح ، فيكون قد تمنى ما ليس باصلح ، او ما يكون مفسدة ، ويمكن أنّ يقال : إنّ ذلك يحسن بشرط أنْ لايكون مفسدة ، كما يقول في حسن السؤال سواء. ١ |
ومثل هذا الطرح في التفسير نجده في أغلب صفحات التبيان عند تفسيره لآيات القرآن الكريم.
١٥. تجنب الطوسي التكرار الممل والاختصار المخلّ ، وكذلك الاسهاب من غيرضرورةٍ ، وبهذا كان المفسِّر معتدلاً مقتصداً في كلّ ما طرح.
ويبقى الشيخ الطوسي أحد أولئك الرواد في التفسير الذين أسدوا خدمةً جُلّى لتوضيح معاني الكتاب العزيز واستجلاءِ أسراره ، وفي ذلك يصرّح أبوعلي الفضل بن الحسن
__________________
١. الطوسي ، التبيان ، ج ٣ ، ص ١٨٣.