السلام عن موسى عليهالسلام في قوله : ( رَبِّ إنِّي لِمَا أنزَلتَ إلَيَّ مِن خَيرٍ فَقِيرٌ ) (١) قال : والله ما سأله إلا خبزاً يأكله ، لأنّه (٢) كان يأكل بقلةَ الأرض ، ولقد كانت خضرة البقلِ نُرى من شفيف صِفاق بطنه (٣) ، لهزاله ، وتشذّب لحمه (٤). (٥)
ولقد دخل هو وأخوه هارون عليهماالسلام على فرعون ، وعليهما مدارعُ الصوف ، وبأيديهما العصيّ ، فشرطا له ـ إن أسلم ـ بقاء ملكه ، ودوامَ عزّه.
فقال : ألا تعجبون من هذين يشترطان لي دوامَ العزّ ، وبقاء الملك ، وهما على ما ترونَ من حال الفقر والذلّ ، فهلّا اُلقيَ عليهما أساورة من ذهب؟ إعظاماً للذهب وجمعه ، واحتقاراً للصوف ولُبسه! ولو أراد الله سبحانه بأنبيائه حيث [ بعثهم ] (٦) أن يفتح لهم كنوز الذهبان ، ومعادن العِقيان ، ومغارس الجنان ، وأن يحشر معهم طير السماء ووحوش الأرضين لفعل ، ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء. (٧) كما ذكرنا أوّلاً. (٨)
كما حكي عن بعضهم أنّه كان إذا أقبلت عليه الدينا يقول : هذا ذنب
____________
١ ـ سورة القصص : ٢٤.
٢ ـ كذا في النهج والمجمع ، وفي الأصل : ولقد.
٣ ـ كذا في النهج والمجمع ، وفي الأصل : من صفاق سفاف بطنه.
وشفيف : رقيق ، يستشفّ ما وراءه.
والصفاق : الجلد الباطن الّذي فوقه الجلد الظاهر من البطن.
٤ ـ أي تفرّقه.
٥ ـ نهج البلاغة : ٢٢٦ خطبة رقم ١٦٠ ، مجمع البيان : ٤ / ٢٤٨.
٦ ـ من النهج.
٧ ـ نهج البلاغة : ٢٩١ خطبة رقم ١٩٢ « الخطبة القاصعة ».
٨ ـ في ص ٤٠ ، وذكرنا تخريجات اُخرى.