عجّلت عقوبته ، وإذا افتقر أو أصابته خصاصة قال : مرحباً بشعار الصالحين (١). (٢)
فكذلك الأنبياء والأولياء يسرّهم ما ينزل بهم من البلاء ، ويفرحون بما امتحنوا به من الابتلاء ، راحة أرواحهم فيما فيه رضى خالقهم ، ولذّة أنفسهم فيما يمتحنهم الله به في أموالهم وأجسادهم ، وما يختاره من فيض ثمرات قلوبهم وأحفادهم ، فلا يغرّنّكم الشيطان بغروره ، ولا يفتننّكم مروره فيلقي في روعكم ، ويوسوس في صدوركم.
إنّ ما أصاب من كان قبلكم من الأنبياء والمرسلين ، والأولياء والصالحين ، في الدار الفانية والحياة البالية ، من جهد البلاء وشدّة اللأواء ، والامتحان بجهاد الأعداء ، هواناً بهم على خالقهم ، وهظماً لهم لدى بارئهم ، بل أنزل بهم البأساء والضرّاء ، ووجّه إليهم محن دار الفناء ، من سقم الأجساد ، وتحمّل الأذى من أهل الجحود والعناد ، فتحمّلوا المشاقّ في ذاته من أداء الفرائض والنوافل ، وصبروا على جهاد أعدائه من أهل الزيغ والباطل ، يسوقون العباد بسوط وعظهم إلى غفران ربّهم ، ويجذبون النفوس بصوت لفظهم إلى منازل قربهم ، لا توحشهم مخالفة من خالفهم ، ولا يرهبهم عناد من عاندهم ، بل يصدعون بالحقّ ، ويقرعون بالصدق ، ويوضحون الحجّة ، ويهدون إلى المحجّة ، لا يزيدهم قلّة الأنصار الا تصميماً في عزائمهم ، ولا يكسبهم تظافر الأشرار إلا شدّة لشكائمهم ، ليس في قلوبهم جليل إلا جلاله ، ولا في أعينهم جميل إلّا
__________________
١ ـ أي علامتهم. « مجمع البحرين : ٣ / ٣٤٩ ـ شعر ـ ».
٢ ـ تفسر القمّي : ١ / ٢٠٠ ، عنه البحار : ١٣ / ٣٤٠ ح ١٦ ، وج ٦٧ / ١٩٩.
ورواه في الكافي : ٢ / ٢٦٣ ح ١٢ ، عنه البحار : ٧٢ / ١٥ ح ١٤.
وأورده في إرشاد القلوب : ١٥٦.