صاحب الحوض والكوثر ، والتاج والمغفر ، والدين الأظهر ، والنسب الأطهر ، محمد سيّد البشر ، أشرف مبعوث إلى الكافّة ، وخير مبعوث بالرحمة والرأفة ، تحمّل أعباء الرسالة صابراً ، وجاهد في الله مصابراً ، ما اوذي أذاه نبيّ ، ولا صبر صبره وليّ ، كم راموا هدم بنيانه ، وهدّ أركانه ، وإدحاض حجّته ، وإذلال صحبته؟ وأبى الله الا تأييده ونصره ، وإعلاء فوق كلّ أمر أمره.
روى سيّدنا ومولانا الامام المفترض الطاعة الامام ابن الأئمّة ، والسيد ابن السادة ، نجل النبيّ ، وسلالة الوصيّ ، الامام الزكي ، أبو القائم المهديّ الحسن بن عليّ العسكري صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين ، وولده الحجّة على الخلق أجميعن ، أنّ أبا جهل كتب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ بعد أن هاجر إلى المدينة ـ : يا محمد ، إنّ الخيوط (١) التي في رأسك هي التي ضيّقت عليك مكّة ، ورمت بك إلى يثرب ، وإنّها لا تزال بك إلى أن توردك موارد الهلكة ... إلى آخر الكتاب.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله للرسول : إنّ أبا جهل بالمكاره (٢) يهدّدني ، وربّ العالمين بالنصر والظفر يعدني ، وخبر الله أصدق ، والقبول من الله أحقّ ، لن يضرّ محمداً من خذله ، أو يغضب عليه بعد أن ينصره الله عزّ وجلّ ، ويتفضّل بكرمه وجوده عليه.
ثمّ قال للرسول : قل له : يا أبا جهل ، إنّك راسلتني بما ألقاه الشيطان في خلدك (٣) ، وأنا اُجيبك بما ألفاه في خاطري الرحمن ، إنّ الحرب بيننا وبينك
____________
١ ـ في تفسير العسكري : الخبوط. وهو من تخبّطه الشيطان : إذا مسّه بخبل أو جنون.
وما في المتن « الخيوط » فلعلّه كناية عن الجنون.
٢ ـ في التفسير والمناقب : بالمكاره والعطب.
٣ ـ الخَلَد : البال والقلب.