من الناس؟ أأنت قاتل عمرو ومفرّق جموعه؟ أأنت المتصدّق بخاتمه في ركوعه؟ أرضيك الرسول دون الخلق صهراً؟ أم أوردك في الغدير من غدير الشرف ورداً وصدراً؟
ويحك قف عند حدّك ، ولا تفاخر بأبيك وجدّك ، ولا تجار فرسان المجد فتضلّ في الحلبة طريحاً ، ولا تساجل (١) أبطال الفخر فتصبح بسيوف الفضيحة طليحاً.
يا مغرور غرّتك دار الغرور ، يا مثبور (٢) وفتنتك ببطشها المشهور ، وزيّنت لك سوء عملك فرأيته حسناً ، فغادرتك بموبقات سيّئاتك مرتهناً ، وعن قليل يسفر الصباح ، ويرى المبدع في دين الله ما حضر وأباح ، ويكشف الجليل لك عن وجه غفلتك حجاباً ، ويقوم الروح والملائكة صفّاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً (٣) ، ويقف سيد المرسلين ، ووصيه سيد الوصيّين ، وابنته سيّدة نساء العالمين ، ثم يؤتى بك موثوقاً بأغلالك ، مرتهناً بأعمالك ، يتبرّأ منك أتباعك ، ويلعنك أشياعك ، وملائكة العذاب تدعك إلى النار دعّاً ، والزبانية تسفعك بعذبات العذاب سفعاً.
فعندها يجثو سيد المرسلين للخصومة ، ويقف وصيّة المظلوم وابنته وينادى عليك باسمك ، ويظهر للناس بعض حدّك ورسمك ، وينظر في ديوان حسابك ، وتتهيّأ ملائكة العذاب لأخذك وعذابك ، ويقال لك على رؤوس الأشهاد ومجمع العباد : يا قاطعاً رحم نبيّه ، يا جاحداً فضل وليّه ، يا منكراً نصّ الغدير ، يا ظالماً أهل آية التطهير ، ألست القائل : إنّ نبيّكم ليهجر ، وقد قال الله في
__________________
١ ـ ساجَلَ الرَّجُلَ : باراه ... والمساجَلة : المفاخرة. « لسان العرب : ١١ / ٣٢٦ ـ سجل ـ ».
٢ ـ المثبور : المغلوب ، الملعون ، المطرود ، المعذّب ، المحبوس.
٣ ـ إقتباس من الآية : ٣٨ من سورة النبأ.