دواخلهم لمتاجرته ، وأغروا سفهاءهم وجهّالهم بمحاورته.
ولم يزل الله الله سبحانه مؤيّداً له بنصره ، مشيّداً بنيانه بأخيه وصهره ، قاصماً فقرات ظهور اُولي النفاق بمشهور فقاره ، قامعاً هامات ذوي الشقاق بمشحوذ غراره ، مظهراً دين الاسلام بشدّة عزمته ، مدمّراً حزب الشيطان بعالي همّته ، حتى أعلى الله بسيفه كلمة الاسلام وشيّدها ، وأيّد ملّة الإيمان وأيّدها ، وفلّ جنود الطغيان وفرّقها ، وأذلّ جموع العدوان ومزّقها ، وقتل من قريش أبطالها وطواغيتها ، وألقى عن البيت الحرام أنصابها وجوابيتها.
ولمّا علم الله أنّه لا مزيد على تعنّيه وإخلاصه ، ولا أقرب إلى الرسول من قرباه واختصاصه ، توّجه بتاج العصمة والزعامة ، وجعل الامامة فيه وفي نسله إلى يوم القيامة.
ولمّا أكمل الله دين الحقّ وأظهره ، ونصب علم العدل ويسّره ، ودخل الناس في دين الله أفواجاً ، وسلكوا إلى سبيل رضوان الله منهاجاً ، أراد الله أن ينقل نبيّه من داره الفانية إلى داره الباقية ، وأن يتحفه بالحياة الدائمة في الجنّة عالية ، أنزل عليه بعد أن فتح حصون الشرك ودمّرها ، وأعلى كلمة الحق وأظهرها ، ونسف جبال الشرك وجعلها سراباً ، وفتح لأهل الحقّ إلى عرفان جلاله أبواباً ، وصيّر لهم باتّباع نبيّه ووليّه إلى رضوانه مآباً ( إذَا جَاءَ نَصرُ اللهِ وَالفَتحُ وَرَأيتَ النَّاسَ يَدخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أفوَاجاً فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَاستَغفِرهُ إنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ) (١).
قال المفسّرون : لمّا نزلت هذه الآية ( إنَّكَ مَيِّتٌ وَإنَّهُم مَيِّتُونَ ) (٢) قال
__________________
١ ـ سورة النصر : ١ ـ ٣.
٢ ـ سورة الزمر : ٣٠.