لا شرف إلا لمن شرف باقتفاء آثاره ، ولا سؤدد إلا لمن استضاء بلوامع أنواره ، ولا عُرف إلا لمن تمسّك بأسبابه ، ولا عَرَف إلا لمن تمسّك بترابه ، فلك النجاة في بحار الضلالة ، وعلم الهداة في أقطار الجهالة ، من التجأ إلى كنف عصمته نجا ، ومن غوى عن طرق طريقته هوى ، لا يحبّه الا من علت همّته ، وغلت قيمته ، فطابت أرومته ، وارتفعت جرثومته.
فيا أيها العارفون بفضله ، المتمسّكون بحبله ، السالكون سبيله ، التابعون دليله ، أبشروا بروح وريحان (١) ، ومغفرة ورضوان ، وجنّات لكم فيها نعيم مقيم ، خالوين فيها أبداً إنّ الله عنده أجر عظيم (٢) ، قلتم ربّنا ثمّ استقمتم ، وسلكتم سبيل نبيّكم ووليّكم وتبتم ، فأنتم خلاصة الله في خلقه ، القائمون بوظائف عزائمه وحقّه ، فهنّأكم الله في هذا اليوم الرحمة ، وأتمّ عليكم النعمة ، وجعلكم خير اُمّة ، وسلك بكم سبيل سيد الأئمّة ، الذي ضربه الله مثلاً في محكم تنزيله ، وشدّ به عضد نبيّه ورسوله ، وهزم بعزمه الأحزاب ، وقصم بسيفه الأصلاب ، وجعل حبّه فارقاً بين الكفر والإيمان ، واتّباعه وسلة إلى الفوز بنعيم الجنان.
فانشروا في هذا اليوم أعلام الإسلام بنشر فضله ، وابشروا إذ سلكتم منهاج سبيله واستمسكتم بحبله ، وأظهروا آثار النعمة فهو يوم الزينة للمخلصين من أتباعه ، واشكروا حسن صنيع ربّكم إذ جعلكم من خاصّته وأشياعه ، وارعوا أسماعكم إلى ما أورد الرسول من شرفه في خطبته ، واستضيئوا بلوامع أنواره واستسنّوا بسنّته.
فقد روي أنّه صلىاللهعليهوآله لمّا أتمّ مناسك حجّه ، وفرغ من شعائر
__________________
١ ـ إقتباس من الآية : ٨٩ من سورة الواقعة.
٢ ـ إقتباس من الآية : ٢١ و ٢٢ من سورة التوبة.