يعلم ما نزل فيه؟ ولولا آية في كتاب الله سبحانه لأخبرتكم بما كان [ وبما يكون ] (١) وبما هو كائن إلى يوم القيامة ، وهي هذه الآية : ( يَمحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثبِتُ وَعِندَهُ اُمُّ الكِتَابِ ) (٢).
ثمّ قال صلوات الله عليه : سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالّذي فلق الحبّة ، وبرأ النسمة ، لو سألتموني عن آيةٍ آية في ليل اُنزلت أم في النهار ، مكّيّها ومدنيّها ، سفريّها وحضريّها ، ناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وتأويلها وتنزيلها ، لأخبرتكم به.
فقام إليه رجل يقال له ذِعْلب وكان ذرب اللسان (٣) ، بليغاً في الخطب ، شجاع القلب ، فقال : لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنّه اليوم لكم في مسألتي إيّاه ، فقال : يا أمير المؤمنين : هل رأيت ربّك؟
قال : ويلك يا ذعلب لم أكن بالّذي أعبد ربّاً لم أره.
قال : فكيف رأيته؟ صفه لنا.
قال : ويلك يا ذعلب ، لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ، ولكن تراه (٤) القلوب بحقائق الإيمان.
ويلك يا ذعلب ، إنّ ربّي لا يوصف بالعبد ، ولا بالحركة ، ولا بالسكون ، ولا بقيام قيام انتصاب ، ولا بجيئة ولا ذهاب ، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف ، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم ، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر ، جليل الجلالة لا
__________________
١ ـ من الأمالي.
٢ ـ سورة الرعد : ٣٩.
٣ ـ لسان ذرب : فصيح ، فاحش.
٤ ـ في الأمالي : رأته.