يوصف بالغلظ ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقّة ، مؤمن لا بعبادة ، مدرك لا بمجسّة (١) ، قائل لا بلفظ ، هو في الأشياء على غير ممازجة ، خارج منها [ على ] (٢) غير مباينة ، فوق كلّ شيء لا يقال : شيء فوقه ، أمام كلّ شيء ولا يقال : له أمام (٣) ، داخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل ، وخارج من الاشياء لا كشيء من شيء خارج.
فخرّ ذعلب مغشيّاً عليه ، ثم قال : ما سمعت بمثل هذا الجواب ، والله لاعدت إلى مثلها.
ثمّ نادى صلوات الله عليه : سلوني قبل أن تفقدوني.
فقام إليه الأشعث بن قيس ، فقال : يا أمير المؤمنين ، كيف تؤخذ الجزية من المجوس ، ولم ينزل عليهم كتاب ، ولا بعث الله فيهم نبيّاً؟
فقال : بلى ، يا أشعث ، قد أنزل الله عليهم كتاباً ، وبعث فيهم (٤) نبيّاً ، وكان [ لهم ] (٥) ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها ، فلمّا أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه ، فقالوا : أيها الملك ، دنّست علينا ديننا فأهلكته ، فاخرج نطهّرك ونقيم عليك الحدّ.
فقال لهم : اجتمعوا واسمعوا كلامي ، فإن يكن لي مخرج ممّا ارتكبت وإلاّ فشأنكم ، فاجتمعوا.
فقال لهم : هل علمتم أنّ الله سبحانه لم يخلق خلقاً أكرم عليه من أبينا آدم
__________________
١ ـ المجسّة : موضع اللمس. أي مدرك لا بالحواسّ.
٢ و ٥ ـ من الأمالي.
٣ ـ كذا في الأمالي ، وفي الأصل : ولا يقام به امام.
٤ ـ في الأمالي : إليهم.