فقلت : اُعيذك بالله أن تكون أحدهما.
قال : فخلع قميصه وقال : برّأني الله من ذلك كما برّأني من قميصي (١). اللّهمّ العن عمرواً وأبا موسى ، ومن أشار بتحكّمهما ، ورضي بحكمهما ، وصوّب اجتهادهما ، وحسّن رأيهما ، وشكّ في نفاقهما ، وحصّر لعنهما ، إنّك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً.
ولمّا رجع أمير المؤمنين عليهالسلام بعد التحكّم إلى الكوفة اجتمعت الفرقة المارقة عن الايمان ، أهل الزيغ والبهتان ، وقالوا : إنّ عليّاً قد حكم في دين الله ، وكلّ من حكم في دين فقد كفر ، لقوله سبحانه : ( وَمَن لَم يَحكُم بِمَا أنزَلَ اللهُ فَاُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ ) (٢) ودخلت عليهم الشبهة في ذلك ، فهم الضالّون المضلّون الّذين قال الله فيهم : ( قُل هَل نُنَبِّئُكُم بِالأخسَرِينَ أعمَالاً ـ قال أمير المؤمنين لمّا سئل عن معناها : هم أهل حروراء ، ثم قال : ـ الَّذِينَ ضلََّ سَعيُهُم فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَهُم يَحسَبُونَ أَنَّهُم يُحسِنُونَ صُنعاً ـ في قتال أمير المؤمنين عليهالسلام ـ اُولَئِكَ الَّذينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِم وَلِقَائِهِ فَحَبطَت أعمَالُهُم فَلَا نُقِيمُ لَهُم يَومَ القِيامَةِ وَزناً ذَلِكَ جَزَاؤُهُم جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا ـ بولاية عليّ بن أبي طالب ـ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي ـ القرآن ـ وَرُسُلِي ـ يعني محمّداً ـ هُزُواً ) (٣) واستهزؤا (٤) بقوله صلىاللهعليهوآله : من كنتُ مولاه فعليّ مولاه.
____________
١ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٣ / ١٨١ ـ ١٨٢ ، عنه البحار : ٣٣ / ٣١١ ـ ٣١٢ ح ٥٦٢.
وانظر : تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٩٠ ، ومروج الذهب : ٢ / ٤٠٣.
٢ ـ سورة المائدة : ٤٤.
٣ ـ سورة الكهف : ١٠٣ ـ ١٠٦.
٤ ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : استهزاء.