اللهُ لَأَغلِبَنَّ أنَا وَرُسُلِي ) (٦) علم بصيرته ، ختم سجلّ ولايته ( مَا كَانَ مُحَمّدٌ أبَا أحَدٍ مِن رِجَالِكُم وَلَكِن رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) (٧) ، وتوقيع علّة رسالته ( وَمَا أرسَلنَاكَ إلَّا رَحمَةً لِلعَالَمِينَ ) (٨) ، نشأ في حجر الفتوّة ، وربّي في دار النبوّة ، واُضجع في مهد العصمة ، واُرضع ثدي الحكمة ، ثمّ اُدخل مكتب ( سَنُقرِئُكَ فَلاَ تَنسَى ) (٩) ، واُدّب بأدب ( خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأعرِض عَنِ الجَاهِلِينَ ) (١٠) ، فبلغ من القيام بشروطها الغاية القصوى.
مدّت يد العصمة بقلم القدرة على لوح نفسه ( وَعَلَّمَكَ مَا لَم تَكُن تَعلَمُ ) (١١) ، وخوطب بلسان العزّة والرفعة : ( اقرَأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإنسَانَ مِن عَلَقٍ اقرَأْ وَرَبُّكَ الأكرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ ) (١٢).
لمّا استندت عناية المعلّم سبحانه بتهذيبه وتأديبه ، وشرّفه باختصاصه بتعليمه وتقريبه ، تفجّرت ينابيع الحكمة من صفا سريرته ، وظهرت أسرار العناية من ضفا روحانيّته ، وزفّت يد الإرادة الأزليّة عروس الرسالة النبويّة إليه ، وحلتها ماشطة المحبّة الإلهيّة في ملابس الألطاف الخفيّة عليه ، وأفرغت على أعطاف نبوّته من ملابس الرئاسة العامّة تعظيماً وتوقيراً ، وضربت على
__________________
الحَقِّ ).
٥ ـ سورة آل عمران : ٣١.
٦ ـ سورة المجادلة : ٢١.
٧ ـ سورة الأحزاب : ٤٠.
٨ ـ سورة الأنبياء : ١٠٧.
٩ ـ سورة الأعلى : ٦.
١٠ ـ سورة الأعراف : ١٩٩.
١١ ـ سورة النساء : ١١٣.
١٢ ـ سورة العلق : ١ ـ ٤.