هامة رفعته حجلة ( إنَّا أَرسَلنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ) (١) ، ( وَدَاعِياً إلَى اللهِ بِإِذنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً ) (٢).
لمّا انشرح صدره بخطاب ( ألَم نَشرَح لَكَ صَدرَكَ ) (٣) ، وعلا أمره بمقال ( وَرَفَعنَا لَكَ ذِكرَكَ ) (٤) ، وصار قلبه مشكاة النور الإلهيّ ، وفضله حتى القيامة غير متناهي ، اجلس في صدر صفة مشارق فيضان الأنوار الإلهيّة على جنانه ، فأضاءت الأكوان بانعكاس أشعّة مرآة كمال عرفانه ، فأظهر بدروس علومه من الايمان ما كان دارساً ، وأنار بوضع قواعد شرعه من الاسلام ما كان طامساً.
وهذه النبذة التي أوردتها ، واللمعة التي ذكرتها قطرة من بحر صفته ، وذرّة من طود مدحته ، اللّهمّ اجعلنا من المهتدين بواضح دليله ، السالكين في منجم سبيله ، المهتدين بأبرار عترته ، المستضيئين بأنوار ذرّيّته.
وأمّا بعلها فحسبك ما نطق به القرآن من خصائصه وفضائله ، ووضح بالبرهان الساطع فيه من مناقبه ودلائله ، ( إنَّمَا وَليُّكُم ) (٥) عنوان منشور ولايته ، و ( قُل لَا أَسألُكُم ) (٦) توقيع مسطور نسبته ، وسورة هل أتى نزلت في رفعة عظيم إخلاصه ، وآية النجوى (٧) وردت في صفاته وخواصّه ، خسف الله
__________________
١ ـ سورة الفتح : ٨.
٢ ـ سورة الأحزاب : ٤٦.
٣ ـ سورة الشرح : ١.
٤ ـ سورة الشرح : ٤.
٥ ـ سورة المائدة : ٥٥.
٦ ـ سورة الشورى : ٢٣.
٧ ـ أي قوله تعالى في سورة المجادلة : ١٢ : ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا ناجيتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَينَ يَدَي نَجوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيرٌ لَكُم وَأطهَرُ فَإن لَم تَجِدُوا فَإنََّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ).