بشمس وجهه بدر الشرك في بدر واُحد ، وأخمد بنور طلعته نار الكفر يوم عمرو بن ودّ ، وهزم أحزابه بجدّ عزائمه ، وقطع أسبابه بحدّ صارمه ، وشدّ أزر الايمان ببطشه شدّاً ، وألبس دين الاسلام بفتكه شرفاً ومجداً.
لمّا آثر بالقرص في صيام نذره ، ردّ الله له القرص بعد مغيبه وستره ، وأثبت في الذكر العزيز ذكره ، وأعلى في الكتاب المجيد قدره ، تتلى آيات مدحه ومدح ذرّيّته إلى يوم القيامة ، وتنشر رايات شكره بإعجازه ومناديه إلى حين حلول الطامّة ، سمّاه الله وزوجته وابنيه في محكم تنزيله أبراراً (١) ، وزادهم في ديوان شكره بمدحه إيّاهم فخاراً.
فالحمد لله الذي أوضح لقلوبنا سلوك سبيلهم ، وزادها لهم هدى ونوراً. وشرح صدورنا لاتّباع دليلهم ، وألبسها من ملابس ولائهم تزكية وتوقيراً. وقرّبنا زلفى من رضوانه بعرفان حقّهم ، وجعلنا من الموقنين بفضلهم وصدقهم ، وسقانا من زلال خالص حبّهم شراباً طهوراً. ثم أنزل لذّة زلاله في مذاق أفئدتنا منذ عالم الذرّ حين قال ربّنا : ( ألَستُ بِرَبِّكُم ) (٢) فأقرّ من أقرّ ، وأنكر من أنكر ، ولم تزل عين عنايتهم تحرسنا من ظلم الضلال الأكبر إلى أن جعل الله لنا في عالم الشهادة بروراً وطهوراً. لولا استمساكنا بعروة عصمتهم ، والتزامنا بحبل مودّتهم ، واتّباعنا سبيل شرعتهم لم نكن شيئاً مذكوراً.
طهّرنا ربّنا بفاضل طهورهم من دنس الشرك ، ونزّهنا باتّباع زاهر نورهم من دين الشكّ ، وخلص إبريز خالص معتقدنا بنار حبّهم عند السبك ، ورفع لنا في مقام المجد منبراً وسريراً.
__________________
١ ـ في قوله تعالى في سورة الانسان : ( إنََّ الأبرَارَ يَشرَبُونَ مِن كَأسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً ).
٢ ـ سورة الأعراف : ١٧٢.