أي إن المؤمنين الذين ثبتوا على إيمانهم والذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو هاجروا إليه للقيام بنصرة الدين وإعلاء كلمة الله ، والذين بذلوا جهدهم في مقاومة الكفار وتقوية المؤمنين ـ هم الذين يرجون رحمة الله وإحسانه ، وهم جديرون بأن يعطوا ذلك ، لأنهم استفرغوا ما في وسعهم ، وبذلوا غاية جهدهم ، ولم يدخروا وسيلة فيها مرضاة لربهم إلا فعلوها ، فحق لهم أن ينالوا الفوز والفلاح والسعادة. وقد هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة فرارا بنفسه وقومه من أذى قريش وفتنتهم في دينهم ، بعد أن عاهده أهل المدينة على أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم ، وتبعه المؤمنون فى هجرته ليعتزّ الإسلام بأهله ، ويقدروا على الدفاع عن أنفسهم إذا هم اجتمعوا ، واستمروا على ذلك حتى فتح مكة ، وخذل الله المشركين وجعل كلمتهم السفلى وكلمة الله هى العليا.
(وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي والله واسع المغفرة للتائبين المستغفرين ، عظيم الرحمة بالمؤمنين ، يحقق لهم رجاءهم إن شاء ، بعميم فضله ، وعظيم طوله ، قال قتادة : هؤلاء خيار هذه الأمة ، قد جعلهم الله أهل رجاء ، ومن رجا طلب ، ومن خاف هرب.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩) فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠))