إلا إذا نكحت زوجا غيره ، ولعله عدوه ـ يرتدع ويزدجر ، لأن هذا مما تنفر منه الطباع السليمة ويأباه ذوو الغيرة والمروءة.
والآية صريحة في أن النكاح الذي تحل به المطلقة ثلاثا ما كان زواجا صحيحا عن رغبة مقصودة لذاتها ، فمن تزوج بامرأة بقصد إحلالها للزوج الأول كان زواجه غير صحيح ولا تحل به المرأة للأول إذا هو طلقها ، وهو معصية لعن الشارع فاعلها ، وبهذا قال مالك وأحمد والثوري ـ وقال جماعة من الفقهاء : هو صحيح مع الكراهة ما لم يشترط ذلك في العقد.
روى أحمد والنسائي عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أ لا أخبركم بالتّيس المستعار؟ قالوا بلى يا رسول الله ، قال هو المحلّل ، لعن الله المحلّل والمحلّل له».
وروى عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحلل فقال : لا ، إلا نكاح رغبة لا دلسة ولا استهزاء بكتاب الله عز وجل ثم تذوق العسيلة.
وعن عمر رضى الله عنه أنه قال : لا أوتى بمحلّل ومحلّل له إلا رجمتهما ، فسئل ابنه عن ذلك ، فقال : كلاهما زان. وسأل رجل ابن عمر فقال : ما تقول في امرأة تزوجتها لأحلها لزوجها ، لم يأمرني ولم يعلم؟ فقال ابن عمر : لا ، إلا نكاح رغبة ، إن أعجبتك أمسكتها ، وإن كرهتها فارقتها ، وإن كنا نعدّ هذا سفاحا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسئل ابن عباس عمن طلّق امرأته ثلاثا ثم ندم ، فقال هو رجل عصى الله فأندمه ، وأطاع الشيطان ، فلم يجعل له مخرجا ، فقيل له : فكيف ترى في رجل يحلّها له؟ فقال : من يخدع الله يخدعه.
ومن هذا ترى أن حكم السنة ورأى كبار الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ، لعن المحلل والمحلل له ، لكن قد فشت هذه الرذيلة بين الأشرار الذين اتخذوا الطلاق