يتزوجه على تقدير أن يكون أحدهما ذكرا والثاني أنثى ، مثل ما وجب على الأب من الرزق والكسوة وأجرة الرضاع.
وقيل المراد بالوارث وارث الصبى من الوالدين أي إذا مات أحد الوالدين فيجب على الآخر ما كان يجب عليه من إرضاعه والنفقة عليه.
(فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) أي : فإن للوالدين صاحبى الحق المشترك في الولد ، الراغبين في تربيته تربية قويمة في جسمه وعقله ـ أن يفطماه قبل الحولين الكاملين أو بعدهما إذا اتفق رأيهما على ذلك بعد التشاور والتراضي بينهما ، لأن هذا التحديد إنما هو للمصلحة ودفع الضرر ، فمتى رأيا الفائدة في الأقل أو في الأكثر فعلاه ، أما إذا أقدم أحدهما على ما يضر بالولد كأن ملّت الأم الإرضاع ، أو بخل الأب بإعطاء الأجرة بقية الأجل المضروب فلا حق له في ذلك ، وإنما اعتبر رضا الأم مع أن ولىّ الولد هو الأب وصلاحه منوط بنظره ، مراعاة لمصلحة الطفل ، إذ هى لكمال شفقتها عليه لا تفكر إلا فيما له فيه خير وفائدة.
وهأنت ذا ترى إرشاد القرآن إلى استعمال المشورة في أدنى الأعمال لتربية الولد ، ولم يبح لأحد الوالدين الاستبداد بذلك دون الآخر ـ فما بالك بأجلّ الأعمال خطرا وأعظمها فائدة ، فهل بعد هذا من شك في حاجة الملوك والأمراء إليها في تربية الأمم وتدبير شئونها؟ ومن ثم طلبها القرآن الكريم من الرسول صلوات الله عليه بقوله : «وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ» ومدح المؤمنين بقوله تعالى : «وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ».
(وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ) أي وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم المراضع الأجنبيات فلا ضير في ذلك إذا أعطيتم لهن الأجور المتعارفة لأمثالهن ، لما في ذلك من مصلحة للمرضع ومصلحة للولد والوالد ، فإن المرضع إذا لم تعامل معاملة حسنة ترضيها بأن تأخذ أجرها كاملا غير منقوص ، وتمنح الهبات والعطايا ـ لا تهتم بالطفل ولا تعنى بإرضاعه ، ولا بنظافته ولا بسائر