الإيضاح
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) أي إن الرجال الذين يموتون ويتركون زوجات يردن الزواج ، لا يحل لزوجاتهم أن يتعرضن لخطبة ولا زواج ولا خروج من المنزل إلا لعذر شرعى مدة أربعة أشهر وعشرة أيام.
وخلاصة المعنى ـ إن عدة النساء اللاتي يموت أزواجهن أربعة أشهر وعشرة أيام لا يتعرضن فيها للزواج بزينة ولا خروج من المنزل إلا للأعذار المبيحة لذلك ، ولا يواعدن الرجال بالزواج ، اهتماما بحقوق الزوجية وتعظيما لشأنها.
وقد حرمت السنة الحداد على غير الزوج أكثر من ثلاثة أيام.
وهذا الحكم خاص بغير الحوامل ، فإن الحامل التي يموت زوجها تنقضى عدتها بوضع الحمل ولو بعد الموت بساعة كما قال تعالى : «وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» سواء كن مطلقات أو متوفى عنهن أزواجهن.
روي أبو داود حديث سبيعة الأسلمية قالت : إن النبي صلى الله عليه وسلم أفتاها بأنها حلّت حين وضعت حملها ، وكانت ولدت بعد موت زوجها بنصف شهر.
ولا نبحث عن الحكمة في تحديد هذه المدة فهى كأعداد الركعات ومقدار الواجب فى الزكاة ، وقال بعضهم في بيانها : إن تعرف براءة الرحم احتاجت إلى ثلاثة قروء أو ستين يوما ، فبراءة النفس من الحزن والكآبة تحتاج إلى مدة أطول من هذه لعظم الكارثة وفداحة الخطب ، إلى أن التعجيل بالزواج مما يسىء أهل الزوج ويفضى إلى الخوض في شأن المرأة ، إذ يقولون إنها لم تكن على ما ينبغى من الوفاء للزوج والحزن عليه إلى أنه كان من المعروف عند العرب أن المرأة تصبر على البعد عن الرجل أربعة أشهر بلا حرج ولا مشقة وتتوق إليه بعد ذلك ، حتى إن عمر أمر ألا يغيب المجاهدون عن أزواجهم أكثر من أربعة أشهر بعد أن سأل أهل بيته.