فى حاجة إلى مذكّر يرقى بها إلى العالم الروحي ، ويخلعها من عالم الحس ، ويوجهها إلى مراقبة من برأها وفطرها حتى تطهر من تلك الأرجاس والأدران ، وتترفع عن البغي والعدوان ، وتميل إلى العدل والإحسان ، ذلك المذكر هى الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وتنفى الجزع والهلع عند المصايب ، وتعلّم البخيل الكرم والجود ، لهذا أردف هذه الأحكام بطلب الصلاة والمحافظة عليها وأدائها على وجهها بإخبات وقنوت لتحدث فى النفس آثارها.
الإيضاح
(حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) أي داوموا على الصلوات جميعها لما فيها من مناجاة الله والتوجه إليه بالدعاء له والثناء عليه كما جاء في الحديث «اعبد الله كانك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».
وإذا أديت على الوجه الحق وأقيمت كما أمر به الدين نهت عن الفحشاء والمنكر ، وحفظت النفوس من الشرور والآثام ، ولا سيما صلاة العصر حين ينتهى الإنسان من أعمال الدنيا فيضرع إلى الله أن وفقه لخدمة نفسه وعياله وأهله ووطنه ، ويشكره على ذلك حق الشكر.
(وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) أي قوموا خاشعين لله مستشعرين هيبته وعظمته ، ولا تكون الصلاة كاملة تتحقق فائدتها التي ذكرت في الكتاب الكريم إلا بالتفرغ من كل فكر وعمل يشغل عن حضور القلب وخشوعه.
روى أحمد والشيخان من حديث زيد بن أرقم قال : كنا نتكلم في الصلاة ، يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة ، حتى نزلت (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام ـ لأن حديث الناس مناف له ، فيلزم من القنوت تركه.
والمحافظة على الصلوات آية الإيمان الكبرى والشرط في صحة الإسلام والأخوّة فى الدين وحفظ الحقوق.