حقا لغيره ، ولا يضيع حقوق أهله وعياله ، ولا حقوق أقاربه وجيرانه ، ولا يجزع من النوائب ، ولا تفلّ عزمه المصايب ، ولا تبطره نعمة ، ولا تقطع رجاءه نقمة.
والمحافظ عليها هو الذي يؤمن شره ، ويرجى خيره ، ولا غرو فللصلاة يد في الآداب الكاملة ، والأخلاق السامية ، والاستقامة في السرّ والعلن.
(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) أي فإن خفتم أي ضرر من قيامكم قانتين لله ، فصلوا كيفما تيسر لكم راجلين أو راكبين.
وفي هذا تأكيد للمحافظة على الصلاة وبيان أنها لا تسقط بحال ، إذ حال الخوف على النفس أو المال أو العرض مظنّة العذر في تركها ، كما يكون السفر عذرا في ترك الصيام.
والسبب في عدم سقوطها عن المكلف في كل حال ، أنها عمل مذكّر بسلطان الله المستولى علينا وعلى العالم كله ، وما الأعمال الظاهرة إلا مساعدة على العمل القلبي المقصود بالذات ، إذ من شأن الإنسان أنه إذا أراد عملا قلبيا يحتاج إلى جمع الفكر وحضور القلب أن يستعين على ذلك ببعض ما يناسبه من قول وعمل.
فإذا تعذر بعض الأعمال البدنية فلا تسقط العبادة القلبية وهى الإقبال على الله مع الإشارة إلى تلك الأعمال بقدر المستطاع ، ويكون ذلك حين قتال العدو أو الفرار من أسد فيصلى المكلف راجلا أو راكبا إن حال وقت الصلاة لا يمنعه من ذلك الكرّ والفرّ والطعن والضرب ، ويأتى من أقوال الصلاة وأفعالها بما يستطاع من ركوع وسجود ولا يلتزم التوجه للقبلة.
وستأتى صلاة الخوف كصلاة الجند المعسكر بإزاء العدو جماعة في سورة النساء.
(فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) أي فإذا زال الخوف وأمنتم فاشكروه على الأمن واذكروه بالعبادة ، كما أحسن إليكم بما علمكم من الشرائع على لسان نبيه ، كيف تصلون حين الأمن وحين الخوف.