فإذا وجد خلاف في الفهم (وهو ضرورى في طباع البشر) وجب التحاكم إلى الكتاب والسنة حتى يزول كما قال : «فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ» وليس هناك عذر للمسلمين في الاختلاف في دينهم ، لأن الله أوجد لكل مشكل مخرجا ، على أن ما تختلف فيه الأفهام لا يقتضى الشقاق والنزاع ، بل يسبهل على جماعة المسلمين من أهل العلم أن ينظروا فيما اختلف فيه ، وما يرون أنه الراجح يعتمدون عليه ، إذا تعلق بمصلحة الأمة والأحكام المشتركة بينها.
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧))
تفسير المفردات
البر : لغة التوسع في الخير ، وأصله من البر المقابل للبحر ، وفي لسان الشرع كل ما يتقرب به إلى الله من الإيمان به وصالح الأعمال وفاضل الأخلاق ، قبل المشرق والمغرب أي ناحيتيهما ، وآتى المال أي أعطاه ، والمسكين هو الدائم السكون لأن الحاجة أسكنته ، والعجز قد أقعده عن طلب ما يكفيه ، وابن السبيل هو المسافر البعيد عن ماله ولا يمكنه الاتصال بأهل أو بذي قرابة ، والسائل من ألجأته الحاجة إلى السؤال وتكفّف الناس ، والسؤال محرم شرعا إلا لضرورة يجب على السائل ألا يتعداها ، وفي الرقاب أي وفي تحرير الرقاب وعتقها ، وأقام الصلاة أي أداها على أقوم وجه وأحسنه ، والعهد ما يلتزم به إنسان