من هذا كله ، وفيها من الفوائد ما لا يوجد فيما أثر عنهم ، إذ أن القتل ظلما لا يكون نافيا للقتل بل هو سبب في زيادته ، وإنما النافي للقتل هو القتل قصاصا ، وأمرهم بالقتل ليقلّ القتل أو ينتفى ، يصدق باعتداء قبيلة على أخرى والإسراف في قتل رجالها لتضعف فلا تقدر على الأخذ بالثأر ، ويكون المراد أن قتلنا لعدوّنا إحياء لنا وتقليل أو نفى لقتله إيانا.
(يا أُولِي الْأَلْبابِ) وخصّ أرباب العقول بالنداء للدلالة على أن الذي يفهم قيمة الحياة ويحافظ عليها هم العقلاء ، كما أنهم هم الذين يفقهون سرّ هذا الحكم وما اشتمل عليه من المصلحة والحكمة ، فعليكم أن تستعملوا عقولكم في فهم دقائق الأحكام.
(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي ولما كان في القصاص حياة لكم كتبناه عليكم وشرعناه لكم لعلكم تتقون الاعتداء وتكفّون عن سفك الدماء ، إذ العاقل يحرص على الحياة ، ويحترس من غوائل القصاص.
(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١) فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨٢))
تفسير المفردات
كتب : أي فرض ، وخيرا : أي مالا كثيرا ، والوصية : الإيصاء والتوصية ، وتطلق على الموصى به من عين أو عمل ، والمعروف : ما لا يستنكره الناس لقلته بالنسبة إلى