تفسير المفردات
رزق السماء : المطر ، ورزق الأرض : النبات والثمار التي تخرج منها ، فلا تضربوا لله الأمثال : أي لا تجعلوا له الأنداد والنظراء فهو كقوله : «فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً» وضرب المثل للشىء : ذكر الشبيه له ، ليوضح حاله المبهمة ويزيل ما عرض من الشك فى أمره ، والبكم : الخرس ، وهو إما ناشىء من صمم خلقى وإما لسبب عارض ولا علة فى أذنيه ، فهو يسمع لكن لسانه معتقل لا يطيق الكلام ، فكل من ولد غير سميع فهو أبكم ، لأن الكلام بعد السماع ، ولا سماع له ، وليس كل أبكم يكون أصم صمما طبيعيا ، فإن بعض البكم لا يكونون صمّا ، والكلّ : الغليظ الثقيل من قولهم كلّت السكين إذا غلظت شفرتها فلم تقطع ، وكلّ عن الأمر : ثقل عليه فلم يستطع عمله يوجهه : أي يرسله فى وجه معين من الطريق ، يقال وجهته إلى موضع كذا فتوجه إليه ، على صراط مستقيم : أي طريق عادل غير جائر.
المعنى الجملي
بعد أن بين عزت قدرته دلائل التوحيد البيان الشافي فيما سلف ـ أردف ذلك الرد على عابدى الأوثان والأصنام ، فضرب لذلك مثلين يؤكد بهما إبطال عبادتها : أولهما العبد المملوك الذي لا يقدر على شىء ، والحر الكريم الغنى الكثير الإنفاق سرا وجهرا ، ولفت النظر إلى أنهما هل يكونان فى نظر العقل سواء مع تساويهما فى الخلق والصورة البشرية؟ وإذا امتنع ذلك فكيف ينبغى أن يسوى بين القادر على الرزق والإفضال ، والأصنام التي لا تملك ولا تقدر على النفع والضر.
والثاني مثل رجلين أحدهما أبكم عاجز لا يقدر على تحصيل خير وهو عبء ثقيل على سيده ، وثانيهما حوّل قلّب ناطق كامل القدرة ، أيستويان لدى أرباب الفكر مع استوائهما فى البشرية؟ وإذا فكيف يدور بخلد عاقل مساواة الجماد برب العالمين فى الألوهية والعبادة؟.