وحدانية خالق الكون وباهر قدرته وواسع علمه ، وحث على النظر فى ملكوت السموات والأرض ، وتشريع يرقى بالأمم فى أخلاقها وآدابها ومعارفها ، إلى مستوى لا تدانيها فيه أمة أخرى.
والخلاصة ـ إنه نافع كل النفع لهم فى دينهم ودنياهم ، فإذاهم رأوا ذلك رسخت عقائدهم واطمأنت قلوبهم ، كما أنّ فيه هداية لهم من الزيغ والضلالات ، ففيه ما يهذّب النفوس ويكبح جماح الطغيان ، ويرد الظالم عن ظلمه ، ويدفع عدوان الناس بعضهم على بعض ، وفيه بشرى للمسلمين بما سيلقونه من الجنات التي تجرى من تحتها الأنهار جزاء أعمالهم وكدهم ونصبهم إرضاء لربهم.
وفى هذا إيماء إلى أن هؤلاء المشركين لهم من الصفات ضد هذا ، فهم متزلزلون ضالون لهم خزى ونكال فى الدنيا والآخرة.
ثم حكى عنهم شبهة ثانية فقال :
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) أي وإنا لنعلم أن هؤلاء المشركين يقولون جهلا : إنما يعلم محمدا هذا الذي يتلوه بشر من بنى آدم وليس بالوحى من عند الله.
فرد الله عليهم وكذبهم فى قيلهم فقال :
(لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) أي إن لسان الذي تميلون إليه بأنه يعلم محمدا ـ أعجمى فهو عبد رومى فيما تزعمون ، والقرآن لسان عربى مبين ، فكيف يتعلّم من جاء بهذا القرآن فى فصاحته وبلاغته ومعانيه الشاملة من رجل أعجمى؟ لا يقول هذا من له أدنى مسكة من عقل.
وخلاصة هذا ـ إن ما يسمعه من ذلك البشر كلام أعجمى لا يفهمه هو ولا أنتم والقرآن كلام عربى تفهمونه بأدنى تأمل ، فكيف يكون هو ما تلقفه منه؟ هبه تعلم منه المعنى باستماع كلامه ، فهو لم يلقف منه اللفظ ، لأن ذلك أعجمى وهذا عربى ، والقرآن كما هو معجز باعتبار المعنى هو معجز من حيث اللفظ ـ إلى أن العلوم الكثيرة